كيف أسلم مستشار الرئيس الأمريكي «ريتشارد نيكسون»؟ مصطفى الونسافي

من الظلمات إلى النور (13)

نعرض في هذه السلسلة قصصا مؤثرة لأناس عاشوا فترة من أعمارهم بعيدين عن ربهم، تائهين عن طريق الهدى، تتقاذفهم أمواج متلاطمة من الشهوات والشبهات، قبل أن يتسلل نور الإيمان إلى قلوبهم، ليقلب بؤسهم نعيما، وشقاءهم سعادة..
إنه نور توحيد رب العالمين، إنه قوت القلوب وغذاء الأرواح وبهجة النفوس

في سنة 1959 حصل الشاب الأمريكي «روبرت كرين» على دكتوراه في القانون العام، ثم دكتوراه في القانون الدولي المقارن، وبعدها تولى رئاسة جمعية «هارفارد» للقانون الدولي، وشغل منصب مستشار للرئيس الأمريكي السابق «ريتشارد نيكسون» للشؤون الخارجية من 1963 إلى 1968، ثم عينه نيكسون سنة 1969 نائبا لمدير مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض؛ وفي عام 1981 عينه «رونالد ريغن» سفيرا للولايات المتحدة في الإمارات، ثم تولى منصب نائب مدير مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض.
ويعتبر روبرت كرين أحد كبار الخبراء السياسيين في الغرب، وهو مؤسس مركز «الحضارة والتجديد» في أمريكا، ويتقن ست لغات حية، وقد نشر عشرة كتب وخمسين مقالة اختصاصية حول الأنظمة القانونية المقارنة والاستراتيجية العالمية وإدارة المعلومات، وعمل لمدة عقد من الزمان في المراكز الاستشارية لصناع السياسة في واشنطن، وكان قد شارك سنة 1961 في تأسيس «مركز الدراسات الاستراتيجية الدولية».
وكلفه نيكسون بتلخيص مجموعة من تقارير المخابرات الأمريكية كان قد طلبها منهم لموضوع كان يكتب عنه، فوافوه بملف كامل عن الأصولية الإسلامية وعدد كبير من التقارير والبحوث لا يسمح له وقته بقراءتها، ومع أن التقرير مكتوب بأيدي المخابرات الأمريكية وليس بأيدٍ إسلامية، إلا أنه ترك عند روبرت أثراً حسناً وتأثر كثيرا بمحتواه؛ ثم كانت سنة 1980 حاسمة في حياة كرين، حيث تابع بأمر من حكومته ندوات ومؤتمرات عن الإسلام شارك فيها عدد من قادة الفكر الإسلامي، وبعد حوارات ونقاشات عميقة اعتنق الدكتور روبرت كرين الإسلام، وغير اسمه ليصبح فاروق عبد الحق.
يقول فاروق: «من الصعب أن يفهم الغربيون حقيقة الإسلام، لأن الكثير من المسلمين الذين يعيشون في الغرب لا يمارسون شعائر الإسلام، ولا يعيشون حسب تعاليمه»، ويضيف: «إن الإسلام ينظر إلى حقوق الإنسان من زاوية كونها مسؤوليات، فكيف تُعطى حقوقاً إن لم تقم بواجبات؟ ثم إن الإسلام ينظر إلى حقوق الإنسان في إطار النظر إلى حقوق الله، فليست سلطة الإنسان مطلقة»، كما يؤكد -وهو القانوني الضليع- أن حقوق الإنسان بالمفهوم الغربي هي من أكبر أسباب تفكك المجتمع الغربي وتمزق الأسرة وانهيار الإنسان وضياع القيم.
إن الدكتور فاروق عبد الحق بحكم تخصصه القانوني كان دائم السعي إلى معاينة ومعايشة مبادئ وقواعد وضوابط ليست من وضع البشر، وقد وجد بغيته في التعاليم الإسلامية العظيمة، فشرح الله قلبه لنور التوحيد بعدما سعى في البحث عن الحق متجردا من الأحكام المسبقة، ومن ذلك التعصب الذي يسيطر على عقول كثير من الغربيين الذين يعمي الحقد أبصارهم وبصائرهم فلا ينظرون إلى الإسلام إلا بعين الإدانة والتجريم قبل الوقوف على حقيقته.. {أَفَمَن شَرَحَ اللهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَىٰ نُورٍ مِّن رَّبِّهِ ۚ فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكْرِ اللهِ ۚ أُولَٰئِكَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ}.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *