اعرف كتابك -2- د. يوسف مازي باحث في العلوم الشرعية خطيب مسجد الزيتون – بني ملال

الحلقة الثانية: اعرف كتابك
القرءان الكريم كلام الله الرب العظيم خالق كل شيء، قدَّر برحمته أن يكلمك بكلماته، فهل استمعت لما يوحى؟ قال تعالى: {وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَىٰ (13)} (سورة طه).
نعم كلمك الله من علوٍّ فوقَ الزمان والمكان: {أَلَا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِّن لِّقَاءِ رَبِّهِمْ أَلَا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُّحِيطٌ (54)} (سورة فصلت).
فهل استوعبنا بُعد القرآن الكوني الضارب في بحار الغيب؟ {قُلْ أَنزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً (6)} (سورة الفرقان)، إن رسالة الله إليك وصلت فلا تظن نفسك غير معني بها؟ إنه الكتاب الكوني العظيم.
كلمات القرءان تنزلت من السماء محملة بقوة غيبية أقوى مما يتصوره أهل الأرض، قال جل في علاه: {وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ (88)} (سورة ص)، وقال سبحانه وتعالى: {فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ وَأَن لَّا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ فَهَلْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ (14)} (سورة هود)، لترتفعوا به ولتعرجوا به عبر معارج الكون والنفس العليا إلى آفاقه الفسيحة، فتشاهدوا من جلال الملكوت ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.
«كان رجلٌ يقرأ سورة الكهف، وإلى جانبه حصان مربوط بشطنين، فتغشته سحابة، فجعلت تدنو وتدنو، وجعل فرسه ينفر، فلما أصبح أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له، فقال عليه الصلاة والسلام: تلك السكينة تنزَّلت بالقرآن» من حديث البراء بن عازب رضي الله عنه، أخرجه البخاري في صحيحه، رقم: 5011.
إنه استنزال للملائكة بعدما انقطع تنزل الوحي من السماء «والذي نفسي بيده! إن لو تدومون على ما تكونون عندي، وفي الذِّكر، لصافحتْكم الملائكةُ على فُرشِكم وفي طرقِكم؛ ولكن، يا حنظلةُ! ساعةٌ وساعةٌ»(*) من حديث حنظلة بن حذيم الحنفي رضي الله عنه، أخرجه مسلم في صحيحه، رقم: 2750.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
-(*) والحديث كاملا كما في صحيح مسلم بسنده: «لقِيني أبو بكرٍ فقال: كيف أنت يا حنظلة؟ قال قلت: نافق حنظلة، قال: سبحان اللهِ! ما تقول؟ قال قلتُ: نكون عند رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، يُذكِّرنا بالنار والجنةِ، حتى كأنا رأي عَينٍ، فإذا خرجنا من عند رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عافَسْنا الأزواجَ والأولادَ والضَّيعاتِ، فنسِينا كثيرًا؛ قال أبو بكرٍ: فواللهِ! إنا لنلقى مثل هذا.
فانطلقتُ أنا وأبو بكرٍ، حتى دخلْنا على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قلتُ: نافق حنظلةُ يا رسولَ اللهِ! فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: وما ذاك؟؛ قلتُ: يا رسولَ اللهِ! نكون عندك، تُذكِّرُنا بالنارِ والجنةِ، حتى كأنا رأي عَينٍ، فإذا خرجْنا من عندِك عافَسْنا الأزواجَ والأولادَ والضَّيعاتِ، نسينا كثيرًا؛ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: والذي نفسي بيده! إن لو تدومون على ما تكونون عندي، وفي الذِّكر، لصافحتْكم الملائكةُ على فُرشِكم وفي طرقِكم، ولكن، يا حنظلةُ! ساعةٌ وساعةٌ» يكررها ثلاث مرات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *