الاتفاق الفرنسي الألماني حول المغرب (تتمة) ذ. إدريس كرم

الفصل الثالث
إذا ما أراد سلطان المغرب من الآن فصاعدا أن يعهد إلى الدبلوماسيين والقناصل الفرنسيين تمثيل أو حماية مصالح المغاربة بالخارج، فإن الحكومة الألمانية لا تمانع في ذلك، ومن جهة أخرى إذا ما عهد سلطان المغرب إلى ممثلين فرنسيين مساعدة المغرب، بالسهر على أن يكونوا وسطاء لدى الممثليات الأجنبية، فإن الحكومة الألمانية لا تمانع في ذلك. (ص: 112)
الفصل الرابع
تلتزم الحكومة الفرنسية بحرية التجارة في المغرب، وكذا المبادلات التجارية، والمساواة في الضرائب والحقوق الجمركية بين الدول فيه.
الفصل السادس
تلتزم حكومة الجمهورية الفرنسية بالسهر على ضمان التمويل اللازم، لإنجاز الأشغال المحتملة، من طرق وسكة حديد، وموانئ وتلغراف…؛ الممنوحة من طرف الحكومة المغربية، وفقا لمساطر المناقصات.
الفصل التاسع
ومن أجل تجنيبه كل المطالب الدبلوماسية، فإن الحكومة الفرنسية ستوظف بجانب الحكومة المغربية مستشارين فرنسيين من أجل التحكيم في كل أمر له طبيعة مشتركة، باختيارٍ من قنصل فرنسا وموافقة باقي القوى المعنية، أو من طرف القناصل المعنيين بشكاوى المستثمرين الأجانب، ضد المسؤولين المغاربة، قصد تسوية تلك المنازعات بين القنصل الفرنسي وقنصل الحكومة الراعية لصاحب الشكوى.
الفصل العاشر
تسهر الحكومة الفرنسية على حقوق الأجانب في مواصلة عملهم في الصيد بالمياه والموانئ المغربية. (المصدر السابق، ص: 114)
وقد وضع المؤلف «كودويل» في كتابه السالف ذكره رسالة ملحقة بالاتفاق المغربي، من كاتب الدولة في الخارجية الألمانية إلى سفير فرنسا ببرلين، جاء بها:
«من أجل تدقيق اتفاق 4 نونبر 1911، المتعلق بالمغرب، وتحديده، لي الشرف بإحاطتكم علما، بأن فرضية تحمل الحكومة الفرنسية حماية المغرب، لا اعتراض للحكومة الألمانية عليها».
ويعلق المؤلف على ذلك بقوله في ص: 121:
«لقد تخلت فرنسا للألمان عن مستعمرة تبلغ نصف مساحة فرنسا، ولم تأخذ شيئا بالمقابل، فالتجارة بالمغرب بقيت حرة، ولم نسيطر على المعادن وتركنا حرية المبادلات والصيد والإنشاءات الكبرى فيه، نقتل أبناءنا من أجل الأجانب، من حقنا الحصول على المغرب بعدما تركنا مصر للإنجليز، وطرابلس (ليبيا) لإيطاليا، والبوسنة والهرسك للنمسا، والكونغو لألمانيا، وربع المغرب لإسبانيا.
ماذا ربحنا إذن؟ بل ما زلنا لم نعرف ماذا سيقع لنا بالمغرب، من غير المقبول وضع إسبانيا في باب المغرب، لقد أعطيناها كل ما هو ضدنا».
السلطان يعترض على الاتفاق
لقد أثار الاتفاق الألماني الفرنسي حول المغرب اعتراض السلطان على فصول منه، وخاصة الفصل الثالث، والذي كان محط مفاوضات وتبادل رسائل بين الخارجية الفرنسية وكل من الخارجية المغربية والسلطان، نجد تفاصيله في تقرير «لونك» المقدم لمجلس الجمعية الوطنية الفرنسية، يوم انطلاق استجواب الحكومة الفرنسية حول مسألة المغرب من أجل إقرار الميزانية اللازمة لتطبيق اتفاق الحماية، المبرم بين المغرب وفرنسا في 30 مارس 1912، من أجل تنظيم الحماية الفرنسية بالإيالة الشريفة، والذي تنقسم معطياته لثلاثة أقسام، ويهمنا منه الآن القسم الأول المتعلق بالتحرك الفرنسي بالمغرب بين 1911 و1912، المتضمن للرسائل المتبادلة بين الفرنسيين والمغاربة، قبل التصديق على الاتفاق الفرنسي الألماني حول المغرب، والمؤسس لمعاهدة الحماية، والمنشور في مجلة إفريقيا الفرنسية، تحت عنوان:
Le rapport de M. Long député sur le traité de protectorat Marocain
ومما جاء به ملحق 13، الذي هو عبارة عن رسالة من وزير الخارجية الفرنسية إلى السلطان مولاي حفيظ، بتاريخ 17 أكتوبر 1911، ويتحدث عن دواعي الاتفاق الفرنسي الألماني، شارحا هذا الأخير، كما تضمن التقرير رسالة بنفس التاريخ موجهة من المقري إلى وزير الخارجية الفرنسية، باسم السلطان، ومعلقا عليها بقوله بأن العقلية التي ينظر بها مولاي حفيظ للاتفاق وضعت جوا غريبا حول المباحثات التي تحدد العلاقات المستقبلية مع فرنسا حسب تلك الرؤية.
وفيما يلي النص الذي يترجم الوضع الصعب الذي نوجد عليه في المغرب:
من المقري إلى وزير الخارجية الفرنسي:
«باريس، 17 أكتوبر 1911.
لقد علم صاحب الجلالة بالاتفاق الفرنسي الألماني حول المغرب.
الجرائد العالمية رددت ما أثار انزعاج صاحب الجلالة حول العرش، قائدي على يقين من أن الحكومة الفرنسية لا تضمر إلا الخير للحكومة المغربية، ومن أجل تجاوز كل سوء للفهم، أو صعوبات في العلاقات بين البلدين، فقد بعث مولاي حفيظ بملاحظات ونقط تتطلب الدراسة في 7 شوال الجاري وذلك قصد تأجيل التوقيع حول هذا الموضوع، ويطلب أن يبعث له ما تمخضت عنه تلك المباحثات، لدراستها من طرفه، كما يرى أن النقط التالية يجب ألا يخلو منها اتفاق، وهي:
-1 احترام سيادة الإيالة الشريفة وتقاليدها، والحفاظ عليها كما كانت، وعدم التعامل معها تعامل المستعمرة، لأنها ذات سيادة منذ ثلاثة عشر قرنا، ولا يمكن أن تعامل كمستعمرة إدارية، واحترام الاتفاق الخاص الموقع معه بتاريخ 7 ربيع الأول 1329 / مارس 1911، المتعلق بولي عهدي الذي أعينه سواء كان ابني أو أخي، والتزام الحكومة بتنصيبه على عرش أسلافه.
-2 ضمان الحفاظ على العرش ومساعدة ولي العهد على ذلك.
-3 تمتيع ولي العهد بكل مظاهر السيادة حيثما تواجد.
-4 الحفاظ على عادات الملك حيثما حل وارتحل.
-5 إذا ما أردتُ زيارة بلد أجنبي على الفرنسيين الموافقة.
-6 منازلنا في المدن والعواصم وغيرها، تبقى كما كانت في الماضي لها خصائصها المميزة.
-7 أن توضع رهن إشارتي أملاك شخصية يتوارثها أبنائي من بعدي، وفق البيانات المرفقة صحبته، أو التي ستكون في المستقبل من غير اعتراض حولها، وكذلك المنازل الموجودة لي بمكناس أو خارجها.
-8 لا تفرض ضرائب على أملاكي، سواء كانت مسكونة من طرفي، أو مكتراة.
-9 لا يعترض على ممتلكاتي غير ما تم الاتفاق عليه بين كيار وبن غبريط.
-10 احترام أسرتي بعد موتي وتوقيرها، ولا تبعد أية امرأة لي من منزلي، ولا تجرد من حريتها، سواء كان لها أولاد أم لا.
-12 لا تخضع الأشياء الخاصة بي التي تدخل أو تخرج للديوانة (الجمارك).
-13 الملايين الخمسة الأخيرة المرصودة لحاجاتي الخاصة، والتي للعائلة الملكية، تبقى دون تغيير وموضوعها غير خاضع للمراقبة.
-14 يُحتفظ للسلطان بـ20 في المائة من ميزانية الأشغال العامة المنجزة في البلاد.
-15 الملايين الخمسة، والعشرين في المائة، تبقى إرثا لأبنائي، بعد أن يأخذ منها ولي العهد ما يحتاجه، يقسم الباقي بين ورثتي حسب الشرع، ولا يحق للورثة التنازل عن تلك المباني، وإنما فقط التمتع بها مباشرة، ما داموا أحياء، هم وأولادهم من بعدهم.
-16 كل عمل تنظيمي داخلي يكون ضد شخصي، أو مصالحي، يعتبر باطلا مرفوضا.
-17 كل فرد من العائلة المالكة اشتكى فقْد شيء أو غيره، وادعى تدخل أحد أعوان السلطة، لا تقبل شكايته، ويوجه إليّ للبحث في شكواه، باعتباره تحت مسؤوليتي، ولا حق للحكومة في مؤازرته.
-18 على الحكومة إعطاء موافقتها من أجل رهن أو بيع ممتلكات المخزن الموجودة داخل المدن الداخلية، وكذلك كراء الأراضي التي لا توجد في الخرائط المرفقة للحراثة».
لقد انزعج السلطان مما جاء به الاتفاق الفرنسي الألماني، فأراد أن يحصل على ضمانات، منها مثلا:
عدم تقييد قوات الاحتلال الفرنسية العلاقات المبرمة بين المخزن والدول الأجنبية، والحفاظ على حق السلطان في تسمية الموظفين وعزلهم، في أنحاء البلاد المحتفظة باستقلالها، وولائهم للجانب الشريف، وتمكين السلطان من شروط السيادة، واحتكار إنشاء معمل لتوليد الكهرباء بفاس متاح للعموم، وبقاء تعيين الوزراء والقياد والعمال من اختصاص السلطان، وكذا الوظائف الدينية، كما يريد السلطان أن توفر له الاعتمادات التي تمكنه من تنفيذ خطته الإصلاحية.
«-21 الوضعية العسكرية لا تحددها إلا الحاجيات المغربية، وإذا تطلب رفع عدد المدربين لا يرفع في وجه الطلب أي اعتراض، ويبرم اتفاق بين الجانبين لتحديد معاملات الموظفين.
-22 الاحتفاظ بحقوق السيادة.
-23 القوات الفرنسية لا تنتشر داخل البلاد، وإذا ما أريد أحيانا تنظيم قوات المخزن، يمكن بعث بعض القوات إلى نقط محددة، بصفة مؤقتة بعد الاتفاق.
-24 يواصل وزير الخارجية ودار النيابة عملهما مع ممثلي الدول كالعادة.
-25 الاتفاقات المغربية والفرنسية مع الغير تحترم ولا تعطل.
-26 الإصلاحات الكبرى تحترم وفق عقد الجزيرة.
-27 الرقابة لا تُجرى على الأحباس التي تبقى مستقلة، ولا تدخل مداخيلها لخزينة الدولة».
وفي 18 أكتوبر 1911 بعث وزير الخارجية الفرنسية إلى الحاج محمد المقري، السفير الممتاز للسلطان بباريس، الرسالة التالية:
«توصلت بالرسالة التي بعثتم بها باسم صاحب الجلالة، حول النقط المتعلقة بملاحظات جلالته على الاتفاق المغربي، هذه الرسالة تتقاطع مع التي بعثتها لجلالته باسم حكومة الجمهورية يوم 17 من الجاري، وسيجد فيها جلالته الضمانات الكاملة التي سنضعها رهن إشارة سيادة العرش الشريف والجالس عليه.
من أجل إعطاء نفس الاهتمام لما عبرتم عنه، سأبين لكم في المذكرة المرفقة الأجوبة الممكن القيام بها من الآن حول ملاحظات السلطان، وستبقى طبعا قضايا الأمن العام المتولد عن التنظيم الإداري الجديد للمغرب، حيث يتم التباحث فيها بين مولاي حفيظ، وممثلي فرنسا» مجلة إفريقيا الفرنسية 1912، ص: 241.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *