القضاء بمكناس يحل جمعية “الدعوة إلى الله”
بشكل مفاجئ لكل المتتبعين قامت السلطات المحلية يوم الاثنين الماضي بتبليغ قرار صادر عن المحكمة الابتدائية بمكناس يقضي بحل جمعية “الدعوة إلى الله”، علما أن مكتب الجمعية لم يتوصل بأي استدعاء من طرف المحكمة أو إخبار برفع دعوى ضدها، حيث بقيت تزاول نشاطها إلى حين تنفيذ قرار الحل المذكور.
ويذكر أن جمعية “الدعوة إلى الله” بمدينة مكناس يرجع فضل تأسيسها إلى العلامة محمد تقي الدين الهلالي المقاوم الكبير والذي عاش فترة بمدينة مكناس قبل أن يتوفاه الله بمدينة الدار البيضاء.
ثم إن هذه الجمعية بأنشطتها المتنوعة كان يستفيد منها الآلاف من مواطني العاصمة الإسماعيلية، كما أن لها مشاركة قوية في العمل التنموي، بالإضافة إلى الأعمال الاجتماعية..
كما كان للجمعية مشاركة مهمة في مشروع محو الأمية، فضلا عن الدروس التربوية الإرشادية، مع قيامها بوظيفتها الأساسية وهي تحفيظ القرآن الكريم وتعليم قراءته وتجويده.
وقد استغرب الكثير من هذا القرار الذي يرمي إلى حرمان الكثير من الأطر والمواطنين من ممارسة حقهم في التنظيم والاجتماع والعمل في المجتمع المدني، ويعمل على التضييق على شريحة مهمة من المجتمع اختارت دور القرآن لتحفيظ أبناء المسلمين كتاب الله عز وجل وسنة النبي صلى الله عليه وسلم.
ويمثل هذا القرار وصمة عار في الجانب الحقوقي في المغرب والذي يعرف طفرة مهمة في تمتيع المخالفين لقيم وهوية المجتمع من امتيازات حقوقية، وفي المقابل يضيق على المتمسكين بعرى الهوية المغربية الإسلامية.
وزارة الداخلية تغلق مقر الجمعية ثم تسارع إلى القضاء
كما علمت جريدة السبيل أن مكتب جمعية “السبيل للثقافة” بمدينة القنيطرة توصل بنسخة من مقال افتتاحي تقدم به باشا مدينة القنيطرة إلى رئيس المحكمة الابتدائية يطلب فيه من القضاء حل الجمعية المذكورة.
ومما جاء فيه:
“بناء على ما قامت به مصالح هذه الولاية من بحث حول الجمعية المذكورة والتي تتوفر على دار للقرآن، الموالية للحركة السلفية المغراوية والتي يتزعمها المدعو محمد بن عبد الرحمن المغراوي، الذي أصدر مؤخرا فتوى تبيح زواج البنت الصغيرة ذات التسع سنوات، وهي الفتوى التي استنكرها المجلس الأعلى للعلماء، كما أن هذه الفتوى تتعارض مع ما جاء به المذهب المالكي وكذا القانون الذي يحدد سن الزواج بالمغرب.
ونظرا لما عرف على صاحب الفتوى المذكورة أعلاه، من أفكار تهدد الثوابت التي يقوم عليها المذهب المالكي ببلادنا وما يمكن أن تثيرها من بلبلة وتشويش على ثوابت الأمة ومذهبها، نتقدم أمام أنظار محكمتكم بهذا المقال قصد استصدار حكم يقضي بحل هذه الجمعية”!
هذا وقد أبدى السيد عبد العزيز الفقيهي رئيس الجمعية في اتصال هاتفي معه استغرابه من هذه المعطيات المجانبة للصواب وصرح للسبيل أن مكتب الجمعية سبق له أن أصدر بيانا تم التأكيد فيه على عدم وجود أي ارتباط بين الجمعية وبين الدكتور محمد بن عبد الرحمن المغراوي ولم يثبت أنه زارنا في مقر جمعيتنا.
واستغرب كل من اطلع على ما جاء في مقال الباشا مِن: “كون الجمعية موالية للحركة السلفية المغراوية”! إذ متى كان الانتساب للسلفية جريمة يعاقب عليها القانون فالسلفية دعوة مغربية أصيلة، عرفها المغرب منذ عرف الإسلام، وقد خدمت الوطن ولا تزال تقدم خدمات جليلة؛ منها: المساهمة في مقاومة المحتل، والانخراط في محاربة الخرافة والأباطيل، كما يعتقد كثير من المراقبين أن إضافة السلفية إلى المغراوي إنما هو من قبيل استغلال الضجة التي قامت حول زواج الصغيرة، فليس هناك توجه ديني في بلدنا اسمه: سلفية مغراوية، فالسلفية أوسع من أن تختصر أو تنسب إلى شخص معين، حيث هناك الآلاف من السلفيين لا تربطهم بالمغراوي علاقة بل لم يروا وجهه قط.
نقول هذا مع العلم بأن الدكتور المغراوي عالم جليل من علماء المغرب كما شهد بذلك مدير دار الحديث الحسنية الدكتور الخمليشي، والسيد المدغري وزير الأوقاف السابق والمجلس العلمي بمدينة مراكش، وغيره من الشخصيات، وكما يعلم من حفل التكريم الذي أقامته كلية اللغة التابعة لجامعة القرويين على شرفه، سنة 2006، وكما يدل نتاجه العلمي ومؤلفاته المنشورة في المكتبات داخل المغرب وخارجه، ناهيك عن تأطيره للعديد من الرسائل الجامعية ومشاركته في الكثير من المؤتمرات الوطنية والدولية.
ويعجب المرء من إقدام الباشوية على مثل هذا المطلب في الوقت الذي تفتح فيه الأبواب في بلدنا -باسم الثقافة والفن- لكل الأنشطة المخربة للفكر والسلوك، ومن آخرها حفل تذوق الخمور بالدار البيضاء.