يريدون «شهادة إعفاء» من التربية الإسلامية!!! بقلم لطيفة أسير

 

قرأت لأحد “العقلانيين” ممن آثروا الركون لمسلمات العقل وطرح النقول الشرعية جانبا، منشورًا ينافح فيه عن اللادينيين، ويستنكر إجبارهم اجتياز اختبار في مادة التربية الإسلامية في مدارسنا المغربية، معتبرا الدين قضية إحساس ذاتي حميمي.. وأن طرح المقرر للإسلام على أنه حقيقة موضوعية مثبتة عقليا وعلميا أمر غير مسوغ، وأن الإلحاد ليس وهما بل هو حقيقة، حقيقة عايشها مع أصدقائه الملحدين “الطيبين” “الإنسانيين”.

وبكل سخافة يقترح تسليم هؤلاء التلاميذ اللادينيين شهادة إعفاء من اجتياز اختبار التربية الإسلامية، تشبه شهادة الإعفاء التي يقدمها الطالب في التربية البدنية حين تكون عنده ظروف صحية!!!

لكن نسي صاحب المنشور أن يضع مطلبه في إطاره الكامل، فالانتماء للوطن أو لأيّ مؤسسة عامة أو خاصة، يُلزم المنتمي إليها بمراعاة القوانين المسَطرة في ذاك الوطن أو تلك المؤسسة حفاظا على النظام وضمانا للأمن العام. فحين تختار العمل في شركة -مثلا- تصبح مُلْزَما بالخضوع لنظامها العام، ومتى شعرت بالضيق منها فَلَك حق الانسحاب، وليس عليك إملاء شروطك عليها.

فأنت وهؤلاء تعيشون في دولة إسلامية، شريعتها الأولى هي الإسلام، وطبيعي أن تُدرّس بها مادة التربية الإسلامية، وطبيعي أن تَعتبر هذه المادة أن الإسلام هو الحقيقة الموضوعية الوحيدة في دنيا اختلط حابلها بنابلها، و زاغ أهلها عن الحق، ونطق فيها الرويبضة، وصار من هبّ ودبّ يحشر أنفه في قضايا الدين الإسلامي.

الإسلام هو الدين الصحيح أحب من أحب وكره من كره، ولنا في نصوصنا الشرعية ما يدعم شهادتنا، ويقوي اعتزازنا بهذا الدين الذي قال عنه ربه (إنّ الدين عند الله الإسلام)، وحكم فيه حكمه العدْل حين قال: (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ).

أما الأقليات غير المسلمة فلها أن تصرّف معتقداتها في القنوات المتاحة لها بهذا البلد، وليس لها الحقّ في مصادرة دين الأغلبية.

وحرية المعتقد كفلها ديننا: (وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ ۖ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ )، لكن على كل لاديني أن يتحمّل تبعات اختياره يوم يقف أمام ربّه حيث لن ينفعه عقل ولا جدال : ( قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ ۚ وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا ۚ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ ۚ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ).

لهذا فالمطالبة باحترام عقائد الطلبة في الاختبار، وامتحانهم على ضوئها نوع من العبث؛ وإخضاع الدولة مقرراتها واختباراتها للرغبات الشخصية للطلبة أمرٌ مستحيل، لأن الاختلاف سنة كونية، وما وُضعت القوانين إلا لضبط هذا الاختلاف. فالذين يعيشون بالمغرب مسلمون، والتلاميذ الممتحنون مسلمون، وحتى لو افترضنا وجود تلاميذ ملحدين فهؤلاء “شواذ” في مدارسنا و(الشّاذ يحفظ ولا يقاس عليه)!!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *