مناسَبة ختم الآيات بأسماء الله “العليم والحكيم والحليم”

يختم الله الآيات بأسمائه الحسنى ليدل على أن الحكم المذكور له تعلق بذلك الاسم الكريم، وقد ختم سبحانه الآية الأولى بقوله: (فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا) [النساء:11].
وفي مناسبة هذا الختام يقول الشيخ السعدي (ت: 1376هـ): فكونه عليماً حكيماً يعلم ما لا يعلم العباد، ويضع الأشياء مواضعها، فاخضعوا لما قاله وفصَّله في توزيع الأموال على مستحقيها الذين يستحقونها بحسب علم الله وحكمته، فلو وَكَلَ العبادَ إلى أنفسهم، وقيل لهم: وزعوها أنتم بحسب اجتهادكم، لدخلها الجهل والهوى وعدم الحكمة، وصارت المواريث فوضى، وحصل بذلك من الضرر ما الله به عليم، ولكن تولاها وقسمها بأحكم قسمة وأوفقها للأحوال وأقواها للنفع.
ولهذا من قدح في شيء من أحكامه، أو قال: لو كان كذا وكذا فهو قادح في علم الله وفي حكمته.
ولهذا يذكر الله العلم والحكمة بعد ذكر الأحكام، كما يذكرها في آيات الوعيد ليبين للعباد أن الشرع والجزاء مربوط بحكمته، غير خارج عن علمه (القواعد الحسان لتفسير القرآن ص: 57).
وأما عن مناسبة ختم الآية الثانية بقوله (وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ) [12: النساء]. فيقول البِقَاعِيُّ (ت: 885هـ):
لما بين سبحانه الأصول وفصَّل النزاع، وكان ذلك خلاف مألوفهم وكان الفطام عن المألوف في الذُّروة من المشقة؛ اقتضى الحال الوعظ بالترغيب والترهيب، فختم القصة بقوله: {والله} أي الجامع لصفات الكمال من الجلال والجمال، وللإشارة إلى عظيم الوصية كرر هذا الاسم الأعظم في جميع القصة، ثم قال: {عليم} أي فلا يخفى عليه أمر من خالف بقول أو فعل، نية أو غيرها {حليم} فهو من شأنه أن لا يعاجل بالعقوبة فلا يغتر بإمهاله، فإنه إذا أخذ بعد طول الأناة لم يفلت فاحذروا غضب الحليم! وفي الوصفين مع التهديد استجلاب للتوبة (نظم الدرر في تناسب الآيات والسور 5/ 212).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *