تحالف من ستين دولة لمواجهة تنظيم مثل «داعش».. هل هذا يدخل العقل؟!
هل أمريكا بـ«جلالة قدرها» عاجزة عن القضاء على عدة آلاف من المسلحين.. وهل جيوش المنطقة الجرارة تعجز عن القضاء عليهم.. إن كان حقا مطلوب القضاء عليهم؟!
أفهم أن يقوم تحالف من هذا النوع وبهذا العدد لمواجهة تحالف مماثل أو قوة عظمى.. فعندما قررت الولايات المتحدة غزو فيتنام الشمالية شكلت تحالفا من ست دول في مواجهة تحالف من قوى عظمى هي الصين والاتحاد السوفييتي إضافة للبلد المستهدف (فيتنام الشمالية)..
أما في حالة «داعش» فقد وصل التحالف الأمريكي إلى أربعين دولة، العالم كله يقف على قدم وساق استعدادا للهجوم على «داعش» وكأن «داعش» باتت تدق أبواب البيت الأبيض!!
الهدف الظاهر.. تخليص المنطقة من رعب وهول داعش الذي يوشك أن يحرق الأخضر واليابس.. ثم يختفي اسم داعش رويدا رويدا لتحل محله حرب شاملة ساحقة لكل القوى والحركات المعارضة للسياسة الأمريكية والاستعمار الأمريكي في المنطقة، ستكون حربا ساحقة للمكون السني في المنطقة وقواه الفاعلة بل وساحقة لدول بأكملها وربما تطال دولا مؤيدة لذلك التحالف.
لن ينفض أمر ذلك التحالف حتى يتم تمزيق أراض وتبديد قوى وتمزيق جيوش ونهب ثروات وتأميمها أكثر لصالح المستعمر الأمريكي وساعده الأيمن إيران.
تذكروا كل التحالفات التي صنعتها أمريكا من قبل عبر التاريخ وكيف كانت نهايتها!
هل نسيتم التحالف الدولي الذي شكلته أمريكا ضد أفغانستان عام 2001م بدعوى القضاء على تنظيم القاعدة بحكم أن ذلك التنظيم هو من دبر تفجيرات 11 سبتمبر، لقد كان ذلك التحالف مصحوبا بحملة دعائية تم خلالها استحضار عفريت القاعدة، يومها بشرت العالم بالسلم والهدوء، وغزت أمريكا أفغانستان وحولتها إلى ركام وقتلت أكثر من خمسين ألف أفغاني وباكستاني ونصبت قواعدها ولم تخرج حتى اليوم، ولم يتم القضاء لا على القاعدة ولا على طالبان ولم يتحقق لا سلم ولا هدوء!
وهل نسيتم التحالف الدولي عام 2007م من 34 دولة، هي هي نفس دول تحالف اليوم تقريبا ضد داعش؟
يومها أوصلت الدعاية السوداء العالم ليضع يده على قلبه شوقا للتخلص من النظام العراقي وما يمتلكه من ترسانة نووية وتحقيق الهدوء والرخاء في المنطقة بأسرها (راجع التصريحات والدعاية في تلك الفترة) وغزت أمريكا العراق ولم نسمع أنها وجدت سلاحا نوويا هناك.. فقط ما تابعناه ونتابعه حتى اليوم هو تحويل ذلك البلد إلى خراب وقتل ما يقرب من المليون ونصف المليون عراقي (صحيفة إنفورمايشن كليرينغ هاوس في إحصائية نشرتها على موقعها يوم الاثنين 4/10/2011) ثم تسليم البلد لنظام أشد دموية ويقوم بحراسة عمليات النهب الأمريكي المتواصل لنفط العراق وثرواته مقابل عمولة يشفط من خلالها ما يشاء.. ومازالت أمريكا موجودة هناك ولن ترحل!
«داعش» مصيدة أمريكية جديدة لالتهام المنطقة؛ والتحالف الجديد -كغيره- ظاهره الرحمة بالإنسان وباطنه أفعى تلتهم المزيد دون أن تشبع!
شعبان عبد الرحمن