تأديب الأطفال على خلق الأدب مع الله (3) خالد البليهد

إن تربية الصبي والفتاة على الأدب مع الله يكون أولا بغرس محبة الله في قلبه، وبيان صفاته العظيمة وأفعاله الجميلة وجلاله ومهابته، وذكر عظم مخلوقاته سبحانه بالقصص والأمثال، حتى يعرف الله ويستقر في قلبه تعظيم الله، ثم يبين له عظم حق الله علينا وأننا مهما فعلنا فلن نستطيع أن نوفيه حقه، ثم يبين للطفل بأسلوب عفوي ميسر كيف نحترم الله ونتأدب معه ونعظم حقه ولا نسيئ إليه بأي تصرف سواء قصدنا ذلك أم لم نقصد.
ومن الأساليب النافعة المجربة نقول له: لو أن الملك أو الأمير الفلاني طلب رؤيتك، فكيف ستحضر بين يديه، وكيف ستتكلم معه، وكيف ستكون هيئتك؟ فسيقول لك: سأكون في حضرته بكل أدب واحترام وحشمة وسكون؛ فتقول له: لماذا؟ فسيقول لك: لأن له منزلة عظيمة؛ فتقول له متعجبا: سبحان الله! كيف تتأدب مع الملك وهو مخلوق عبد عاجز يصرفه الله كيف يشاء، ولا تتأدب مع خالق الخَلق الملك الجبار المهيمن الذي قهر السماوات والأرض وقهر كل المخلوقات؟ وبهذه الطريقة سيستقر في عقل الطفل حب الله وتعظيمه وخشيته سبحانه، وسيحرص دائما على التأدب مع الله، فمثلا في الصلاة سيكون دائما جميل الهيئة نظيف الثوب، لأنه في الصلاة يقف بين يدي الله تبارك وتعالى.
وينبغي على ولي أمر الصبي أن يستعمل أسلوب التعليم والزجر والثواب والعقاب والتشويق والترغيب والحوافز، في سبيل غرس توقير الله وتعظيمه في قلب الصبي والفتاة.
وينبغي على الوالدين أيضا أن ينبهوا أبناءهم على احترام الله في طريقة كلامهم، فإذا سمعوا منهم كلمة أو عبارة فيها نوع إساءة إلى الله بَيّنوا لهم أن هذا الكلام لا يصلح مع الله لما فيه من إساءة وانتقاص لحق الله وسوء أدب معه سبحانه، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يربي أصحابه على الأدب مع الله في الخطاب، وينكر عليهم أي كلمة تسيئ إلى الله، ويُسبّح منزها لله حتى لو كان قصدهم التقرب إلى الله؛ ومع الوقت سينشأ لدى الأولاد ذوق ديني وعقيدة راسخة وأدب رباني وصيانة في الكلام وحسن أدب مع الله.
ومن الأساليب النافعة أن يغرس الأب في ابنه تعظيم العلماء وأهل الفضل، ويُعَوده على تقبيل رأس العالم وكبير السن والاحتفاء به والسلام عليه، ويبين له أن تعظيمه من إجلال الله كما ورد في الحديث: «إِنَّ مِنْ إِجْلَالِ اللَّهِ: إِكْرَامَ ذِي الشَّيْبَةِ الْمُسْلِمِ، وَحَامِلِ الْقُرْآنِ غَيْرِ الْغَالِي فِيهِ وَالْجَافِي عَنْهُ، وَإِكْرَامَ ذِي السُّلْطَانِ الْمُقْسِطِ» رواه أبو داود، وصححه الألباني.
ومن الوسائل النافعة في هذا الباب أن يحرص الوالد على أن يري صبيه آيات الله العجيبة ومخلوقاته الخارقة، ويلفت نظره ويربيه ويعوده على مهارة التفكر فيها، فإن الصبي إذا أكثر من التفكر في آلاء الله شاهد عظمة الله ووقر اليقين في قلبه، وملأ نور الإيمان فؤاده، وأورثه ذلك تعظيم الله وإجلاله ومراقبته والحياء منه.
وينبغي على المؤسسات الخيرية والدعوية أن تسعى في نشر البرامج والمشاريع التي تعزز خلق الأدب مع الله في قلوب أبنائنا وبناتنا، عن طريق المسابقات والدورات، ولتركز على هذا الجانب وتستهدف الفئة العمرية للأطفال، لأن صلاح الأطفال ونشأتهم على إجلال الله وتوقيره له أثر عظيم في صلاح الأمة في المستقبل؛ وضياعهم بتضييع هذا المبدأ ضياع للأمة؛ وأعظم قيمة لنا نحن المسلمين توحيد الله وتوقيره وحفظ حقوقه سبحانه وتعالى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *