كتب الدكتور أحمد الريسوني نائب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ورئيس مركز المقاصد للدراسات والبحوث في موقع أنه أصبح من المعلوم أن تنظيم «داعش» تَشَكَّل وتضخم وتفرعن بفعل عوامل متعددة، أكثرها وأهمها مصنَّع وموجَّه، بشكل مباشر أو غير مباشر، وأن الأيدي الأمريكية والسورية والعراقية والإيرانية ضالعة في ذلك قطعا.
وهذا ما صرح به -أو اعترف به- كثير من السياسيين والمسؤولين الغربيين والعرب والإيرانيين، وهو ما أكده كثير من المحللين والخبراء.
وعلى سبيل المثال فقد صرح السيد مسعود البرزاني رئيس إقليم كردستان العراق -في حوار تلفزي- أنه سبق له أن اتصل بنوري المالكي رئيس الوزراء العراقي السابق، ونبهه إلى أن نحو خمسمائة مسلح من داعش عبروا من سوريا إلى العراق، وقال له: إن قواتنا، أي قوات البشمركة، جاهزة وقادرة على سحقهم إذا وافقتم على ذلك، فأجابه المالكي: الزم شؤون إقليمك ودع هؤلاء عنك.
وقال الدكتور الريسوني: حدثني صديق ثقة، سمع من مصدر عليم، أن السفير الأمريكي في العراق -وأثناء المفاوضات التي سبقت اختيار رئيس الوزراء- لما رأى تعنت نوري المالكي وتمسكه بمنصبه بدعم من إيران، واعتراضه على تولي حيدر العبادي رئاسة الوزراء، قال له: إذا لم تقبل بالتنحي وتولي العبادي، فإن داعش ستدخل إلى بغداد في غضون 24ساعة، بعدها رضخ المالكي وأعلن قبوله بالأمر الواقع.
وعلى العموم فإن العشرات ممن استمعت إليهم من العلماء والأكاديميين وقادة العمل الإسلامي -خاصة من العراق وسوريا- مجمعون على أن «داعش» مدعومة ومخترقة وموجهة، من عدة جهات معادية للعرب والمسلمين، هي نفسها التي تتصدر الآن ما يسمى بالحرب على «داعش»، وأن نظام بشار الأسد هو المحتضن الأول والراعي المباشر لولادة هذا التنظيم ونشأته.
وأكد الدكتور الريسوني أن تضخيم «داعش» ولو مؤقتا، ثم القيام لمحاربتها عدة سنين، يحقق للأمريكيين -والغرب عموما- بيع الأسلحة وتجريبها، وتدريب العسكريين وتطوير مهاراتهم، وجلب أموال خيالية مقابل العمليات الحربية ومقابل ما يسمى «إعادة الإعمار»، كما ييسر لهم مزيدا من التمكن والتحكم في المنطقة ومزيدا من تفتيتها وإغراقها في العداوات والصراعات والحروب الثأرية التي لا تنتهي.
وأما الساسة الإيرانيون والطائفيون العراقيون، فإن وجود «داعش» وحروبها تمكنهم من سحق المناطق السنية وأهلها، لفائدة التمدد الشيعي.
وأما النظام السوري فإنه الرابح الأكبر من «داعش»، فقد أنقذه ظهور داعش من ورطة خانقة، بل من موت محقق.
وخلص رئيس مركز المقاصد للدراسات والبحوث أن الحرب على «داعش»، هي بالدرجة الأولى صناعة أمريكية غربية، وهي بالدرجة الثانية صناعة إيرانية طائفية، وأما الشعوب العربية وعموم المسلمين، فليس لهم في هذه الحرب ناقة ولا جمل؛ ليس لهم فيها قرار ولا تخطيط ولا قيادة ولا مصلحة. بل هي عبارة عن قتل المسلمين بالمسلمين بأموال المسلمين، فهي وبال عليهم في دينهم ودنياهم، في الحال والمآل.
وأشار في الختام إلى أن دول المنطقة العربية الآن:
– إما أن تستمر -وهي مستمرة حتى الساعة- في خيار التبعية والانخراط والدوران في فلك المشاريع الصهيوغربية، وهي المشاريع التي نعيش أطوارها ونتائجها وآلامها منذ الحرب العالمية الأولى، ومنذ تفكيك الدولة العثمانية، ومنذ أكذوبة «الثورة العربية الكبرى»، ومنذ اتفاقية سايكس/بيكو ووعد بلفور…
– وإما أن تسلك مسلك السيادة واستقلال القرار، والنِّدية في علاقاتها وسياساتها الخارجية، وأن تتصالح مع شعوبها وتراعي إرادتها ومصالحها. وهذا -وحده- هو العلاج والدواء.
وأما الخيار الأول، فهو الداء، وهو الدواء الذي يزيد استفحال الداء.