قيـسٌ ولا ليـلى محمد بن إدريس بلبصير

 

قيسٌ ولا ليلى تَختالُ في رِقّة كالطّيفِ في خلدي

في وقْعِها نسمةٌ تُوحي إلى وتري

يا نسمةَ الصّيفِ هُبّي إنَّ مُحتَرَقي

يا لائمي في هواها إنّني ولِـــــــــعٌ

عُلّقتها مـــــــن حدَاثتي إلى هــــرَمي

هاتِ اسقِني كأسَها المحمومَ عن عطَشٍ

حبيبتي قُدُسيــــــــــــــــــــة مُنزّهةٌ

لكنّها قبعَـــــــت وراء مُظلِمةٍ

رجوتُها متــــوسّلا ببائستي

إذا بها جثّة في الوهم هامدةٌ

ليلايَ قيسُك هذا فارحمي ندمي

يا أمّةً خُنتُها في كـــــلّ واجهة

رُدّي إليّ الذي مازلتُ أحفـَــــظه

إن كنتُ أسرفتُ في سَفاهتي فلقد

لكن أضعتُ الخُطى فكيفَ أرجِعها

أم كيفَ أرجِعها وللحفيد صدًى

آه على ولدٍ ضيّعتُ نشأته

يا أمّتي كم لهثتُ خلفَ خُلّبَةٍ

يا أمّتي أنتِ خيرُ أمّةٍ خُلِقتْ

ما أنتِ يا أمّتي إلاّ كجوهرةٍ

ما أنتِ يا أمّتي إلاّ كوالدةٍ

أسلمتِ يا أمّتي الزّمامَ فانفرطتْ

أبناؤكِ اليومَ ربّاهم عدوّهمُ

يا نِتنَ ريحهمُ في كلّ ناحية

زئيرهم أم عَويلهمْ كأنّةِ َمَنْ

قد أنكروا الدّينَ واللّسان وارتكسوا

قد اشتروا بالهدى ضلالةً ركبوا

يا راكبا جهلَه في ليلِ هائمةٍ

كم هِمتَ في خمرة كؤوسها انكسرت

آه على أمّة فُطِرْتُ أعشقها

وكيفَ باعتْ عزيزَها بمُحتقَرٍ

أسلمتِ يا أمّتي الزّمامَ غاصبَه

 

  وتبعثُ النّورَ كاللّهيبِ في كَبِدي

برقصةِ الدّمع في فِنجان مُتّقَدِي

أتى على ذابلاتِ الرّوح والجسدِي

منذ الطّفولة بالآهَات والكمَدِي

والحبّ ما لم يَمُتْ بوطأة الأمَدي

إلى سحابٍ بلا ودْقٍ ولا بَرَدي

عن كلّ إفكٍ غنيّةٌ عن الفنَدِي

رهيبةٍ أقسمتْ ألا تفي بغدي

عَوْدَ الوِصالِ عسى يعيشُه ولدي

فكيفَ أحْيي التي ذبحتها بيدي

وقد تعصَّى عليَّ جبْرُ متّأَدِي

فغابَ بارقُها وخارَ معتَمَدي

من شامخ المجد في روائع الأبد

صحوتُ أرغبُ في أوبٍ وفي رَشَدي

وقد ولدتُ أبا جهل فيا كنَدي

سمّى الضّلالةَ حقّا غيرَ منتَقَدِي

يا ليتني كنتُ عاقمًا فلمْ ألدي

تمخّضتْ عن جهالة ومُلتَحَدِي

والدّهرُ بِكرٌ فكيفَ صرتِ للأودي

علا سناها غبارُ الجهل والزّبدي

قد عقّها الولدُ المنفوثُ في العُقَدي

خيوطُه في دُجَى الطرّائقِ القِدَدي

فأصبحوا للعدوّ قِبْلةَ الرّغَدي

أودى براحتنا في الأنفِ والكَبِدي

يخافُ مُشرقةً ترنو إلى البلدِي

في رِجْسِهم بومةً تبكي على وتدي

في بحرها زورقًا مشى بغير حُذي

يبابُك اليوم ليستْ فيه ذاتُ يدي

برقصة القِردِ والقَرّادُ غيرُ ندي

فكيفَ باعتْ بذلّ صولةَ الأسَدي

وكيفَ باعتْ بشركٍ وحدةَ الأحدي

والرّيحُ قد ذهبت بالصّرح والعمدي

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *