«الحجاب، ارتداد إلى الجاهلية ونوع من التخلف الفكري»..
ليس هذا عنوانا في مجلة أوربية أو جريدة أمريكية أو عنوان مقال لصهيوني بتل أبيب، بل هو عنوان مقال على محور «ربانيات الجمعة».. في عدد الجمعة 24/07/2015 من جريدة «الأحداث» التي مردت على استهداف المتدينين ومظاهر التدين، بجميع أشكال النشر فيها، بدء بالأخبار المكذوبة ومرورا بالتحقيقات والربورتاجات والمقالات المغرضة، وصولا إلى الريشة المثقلة سما وبغضا وكراهية.
نعم هذه هي «ربانيات الجمعة» بمفهوم «الأحداث» والقائمين عليها من ممسوخي الهوية والفكر والقيم.. وممن يحاربون شرع الله الذي يجب أن يهيمن على جميع مناحي الحياة، ويريدون استبداله بمنظومة الغرب الفكرية المادية.. التي هي في أدنى مستويات عدائها تسلم بأن الدين ممارسات وطقوس فردية تبقى رهينة أماكن العبادة.. ولا دخل لها في الحياة العامة أو تسيير شؤون الناس أو نظام ومقاليد الحكم والعسكر والسياسة، وتشريعات الاقتصاد والسياحة وعلاقة الأفراد والمجتمعات.. بله التحكم أو ضبط الإبداع الفني بشتى تلاوينه..
ولأن حجاب المرأة دين، فلا ينبغي أن يخرج ويظهر في الفضاء العام.. وهنا نستحضر الدعوة التي نادت بها «الأحداث» منذ سنوات عديدة، يوم طالبت بمنع النقاب في المغرب، جريا على سنن «الماما فرنسا»، والتي بالتأكيد سيتلوها مطلب منع الحجاب في المؤسسات التعليمية، ثم منعه في المؤسسات والإدارات، مع التطبيع الخطير مع السفور والتبرج في عدد من القطاعات الخاصة.. بعدها بالتأكيد سيطالبون بمنع حجاب الرأس من الفضاء العام.. لأن علمانيينا أشد شراسة في التنزيل من الغرب الذي يحترم على الأقل ما يسنه كقوانين قبل أن يمنع أو يعاقب..
لقد استبشر القائمون على «الأحداث» خيرا بإنشائهم لملحق «ربانيات الجمعة» وادعائهم أنهم سيسهمون به في نشر الإسلام السمح «moderne» لقطع الطريق على تفرد الرجعيين ممن يتمسكون بنصوص القرآن والسنة وحرفيتها، بنشر إسلام متطرف رجعي نصوصي حرفي لا يقبل تاريخانية ولا دراسة وفق المناهج الغربية التي تسحب بساط القدسية من أي مدروس..
والحقيقة أنهم ما أرادوا منه إلا خفض حدة الانتقادات التي كانت تواجهها جريدتهم التي باتت صفحاتها فضاء ومرتعا لنشر الصور الخليعة (وما صفحة «الساخنة» عنا ببعيدة)، ونشر قصص العلاقات المحرمة (ملحق من القلب إلى القلب)، والأخبار التي تنشر السلوكيات المنحرفة.. حتى صار الناس يحذرون من إدخالها بيوتهم خوفا على تربية وأخلاق أبنائهم.
لقد تجرأ «الأحداثيون» على نشر مثل هذا المقال المليء بالجهل المركب، والمغالطات الفاحشة، للكاتبة العلمانية المتبرجة إقبال بركة، في ركن يتحدث عن الدين، للدلالة على أن الحجاب شيء غير مسلم به، وأنه في زمن العولمة والانفتاح الكلي نكوص وارتداد إلى الوراء، وللأسف قالوا إلى الوراء الجاهلي، وكأن الآيات القرآنية والأحاديث النبوية لا قيمة لها ولا علاقة لها بالموضوع.. من خلال تحريف ظاهر وكذب مكشوف وجهل مركب.
كما أن هذه الجرأة تلت مباشرة جرأتهم عند استقدام الزنديق المصري السيد قمني الذي نال من مقدسات المسلمين في عرضه الساخر في المكتبة الوطنية بالرباط، وفي مقر جريدة «الأحداث» بالدار البيضاء، حيث تهجم على الله عز وجل، وتطاول على النبي صلى الله عليه وسلم، واستهزأ بالصحابة الكرام، واحتقر العلماء والفقهاء، وعرض بالبيعة الشرعية المعمول بها في المغرب.
و«الأحداث» و«الصباح» في هذه الأيام ينشران باستمرار كتاباته السامة في مهاجمة «التراث الإسلامي» عموما، على نهج «كتبة المارينز»، الذين يبشرون بدين أمريكي صالح للتعايش مع المنظومة الغربية الأمريكية..
فلا عجب إذن أن نرى ذلكم العنوان في جريدة «الأحداث»، لأنهم ماضون في نشر باطلهم، فقط حجم استهداف الثوابت والأحكام يزداد شيئا فشيئا..