أصناف الرياح في القرآن الكريم عبد القادر دغوتي

– الرياح جند من جنود الله سبحانه: فهي تجري بأمره وتسكن بأمره ويُرسلها
سبحانه متى شاء وبما شاء، فقد يرسلها الملك الجليل مبشرات بالخير والنعم، وقد يرسلها منذرات بالشر والنقم. لا كما يزعم اللادينيون بأنها مجرد ظاهرة طبيعية من صنع وفعل الطبيعة !!
أولا: الرياح المرسلة بالنعم
– يُسخر الرب الكريم جل جلاله أنواعا من الرياح تحمل البشرى إلى العباد
وتأتيهم بإذن ربها بالخيرات والرحمات، قال تعالى: “وهو الذي يُرسل
الرياح بُشُرا بين يدي رحمته” (الأعراف57). وقال: “ومن آياته أن يُرسل
الرياح مبشرات وليذيقكم من رحمته” (الروم46).
– وهذا الصنف من الرياح المرسلة بالنعم تتعدد أنواعها بتعدد النعم
المرسلة بها وبتعدد المهام والوظائف التي سُخرت لها، ومن ذلك:
– ريح طيبة:
وهي ريح هادئة تجري بقدر ما تحتاج إليه السفن في البحر لتسير معها في
اتزان واتساق وفي أمن وسلام. قال تعالى: “حتى إذا كنتم في الفلك وجرين
بهم بريح طيبة…” (يونس22).
وقال تعالى: “ومن آياته الجوار في البحر كالأعلام، إن يشأ يُسكن الريح فيظللن رواكد على ظهره إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور، أو يوبقهن بما كسبوا ويعف عن كثير” (الشورى32 ـ 34).
قال ابن كثير رحمه الله تعالى: “أي لو شاء لأرسل الريح قوية عاتية فأخذت السفن وأحالتها عن سيرها المستقيم فصرفتها ذات اليمين أو ذات الشمال آبقة لا تسير على طريق ولا إلى جهة مقصد، وهذا القول يتضمن هلاكها، وهو مناسب للأول، وهو أنه تعالى لو شاء لسكن الريح فوقفت أو لقوَاه فشردت وأبقت وهلكت، ولكن من لطفه ورحمته أنه يرسله بحسب الحاجة كما يُرسل المطر بقدر الكفاية، ولو أنزله
كثيرا جدا لهدم البنيان أو قليلا لما أنبتت الزرع والثمار”1
– ريح رخاء:
أي ريح لينة طيبة، وقد سخرها الله تعالى لعبده ونبيه سليمان عليه الصلاة
والسلام، قال سبحانه: “فسخرنا له الريح تجري بأمره رخاء حيث أصاب” (ص36)، وقال: “ولسليمان الريح غدوها شهر ورواحها شهر” (سبأ12).
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي: “وأن الله سخر له -أي لسليمان- الريح تجري
بأمره وتحمله وتحمل جميع ما معه وتقطع به المسافة البعيدة جدا في مدة
يسيرة، فتسير في اليوم مسيرة شهرين، غدوها شهر، أي: أول النهار إلى
الزوال، ورواحها شهر، من الزوال إلى آخر النهار”2
– رياح لواقح:
وهي المذكورة في قول الله تعالى: “وأرسلنا الرياح لواقح” (الحجر22)، أي
تلقح السحاب فيدر ماء وتلقح الشجر فيتفتح عن أوراقه وأكمامه، فالرياح
كالفحل للسحاب والشجر.3
– رياح تُثير السحاب:
قال الله تعالى: “والله الذي أرسل الرياح فثير سحابا فسقناه إلى بلد
ميت فأحيينا به الأرض بعد موتها” (فاطر9). ومعنى قوله: “فتثير
سحابا”، أي: فحركت السحاب وأهاجته، والتعبير بالمضارع عن الماضي “فتثير”
لاستحضار تلك الصورة البديعة، الدالة على كمال القدرة والحكمة.4
ـــــــــــــــــــــ

1- ــ تفسير القرآن العظيم، لابن كثير7/139.
2-ــ تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، عبد الرحمن بن ناصر السعدي ج3 ص9.
3-ــ صفوة التفاسير،للصابوني،ج2 ص202.
4 ــ صفوة التفاسير ج2 ص533.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *