هل يجوز للولد أن ينادي أباه باسمه؟ وهل يعتبر ذلك عقوقا؟

ليس من الأدب أن ينادي الولد أباه باسمه أو كنيته، وإذا كان الأب يتأذى من ذلك ويكرهه: فهو من العقوق.
وقد أمر الله تعالى الولد بمخاطبة أبويه خطاب التوقير والاحترام، فقال: (وَقُلْ لَهُما قَوْلًا كَرِيماً).
قال القرطبي رحمه الله: (قَوْلًا كَرِيماً) أَيْ لَيِّنًا لَطِيفًا، مِثْلَ: يَا أَبَتَاهُ وَيَا أُمَّاهُ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يُسَمِّيَهُمَا وَيُكَنِّيَهُمَا..” انتهى من “تفسير القرطبي” 10/243.
وقال الإمام البخاري رحمه الله في “الأدب المفرد” (ص 26): “بَابُ لَا يُسَمِّي الرَّجُلُ أَبَاهُ وَلَا يَجْلِسُ قبله ولا يمشى أمامه”.
ثم روى عن أبي هريرة رضي الله عنه: “أنه أَبْصَرَ رَجُلَيْنِ فَقَالَ: لِأَحَدِهِمَا مَا هَذَا مِنْكَ؟ فَقَالَ أَبِي فَقَالَ: (لَا تُسَمِّهِ بِاسْمِهِ، وَلَا تمش أمامه، ولا تجلس قبله ). قال الألباني: صحيح الإسناد.
وقال النووي رحمه الله: ” باب نهي الولد والمتعلم والتلميذ أن يُنادي أباه ومعلّمه وشيخه باسمه”. ثم روى عن عبيد الله بن زَحْر قال: “يُقال من العقوق: أن تُسَمِّي أباك باسمه، وأن تمشيَ أمامَه في طريق” انتهى من “الأذكار” ص 291.
قال ابن علان في شرحه لأذكار النووي: “وإنما نهي عن دعاء من ذكر باسمه: لأنه خالٍ عن التعظيم المطلوب منه مع من ذكر” انتهى.
وإذا كان الأب لا يكره من ابنه أن يناديه بكنيته مثلا: فليس من العقوق، لا سيما إن جرى عرف الناس في بلدهم عليه؛ وإن كان الأكمل في الأدب والبر: أن يناديه بما يدل على التعظيم كـ “أبي” ونحو ذلك.
وسئل الشيخ محمد بن محمد المختار الشنقيطي حفظه الله: إذا نادى الابن أباه بكنيته، فهل هذا من العقوق؟
فأجاب:
” هذا يختلف باختلاف العرف والأحوال، في بعض الأحيان قد يحب الوالد أن يدعى بكنيته من ولده، لكن الأصل أنه لابد من تذلل الابن لأبيه؛ لأن الله يقول: (وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ)، فلابد أن يخاطبه مخاطبة تشعره بمنزلته، كقوله: يا أبتِ، وهذا هو الذي ذكره الله عز وجل في كتابه، وينبغي تحريه، فيناديه بالأبوة؛ حتى يشعره بالفضل عليه وأنه دونه.
وإذا لم يجر بهذا عرف -أي مناداة الأب بكنيته- فهذا فيه قبح.
وأشنع من هذا أن يناديه باسمه المجرد. لكن إذا جرى عرف أن الوالد ينادى في بيته وولده بالكنية، ولا يتأثر بذلك، ولا يتضرر: فهذا شيء آخر. لكن المحفوظ أنه يناديه يا أبتِ، ويشعره بحقه عليه”. انتهى من “شرح زاد المستقنع” (323/ 19) بترقيم الشاملة.
والخلاصة:
أن الأب إن كان يكره أن يناديه ابنه باسمه فذلك من العقوق، وإن كان لا يكره ذلك، فهو جائز لا إثم فيه، والأكمل في الأدب أن يناديه بما يدل على التعظيم والتوقير. والله تعالى أعلم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *