الندوة الوطنية الثانية لمدرسة ابن القاضي للقراءات “المدرسة القرائية بالمغرب: ابن القاضي نموذجا” تغطية: إبراهيم بيدون – عيسى بنكرين

احتضنت مدرسة ابن القاضي للقراءات والرسم والضبط التابعة لجمعية أبي شعيب الدكالي لتحفيظ القرآن الكريم وتدريس علومه بمدينة سلا يوم السبت 24 جمادى الثانية 1434 الموافق لـ 4 ماي 2013 الندوة الوطنية الثانية التي تشرف عليها تحت عنوان: “المدرسة القرائية بالمغرب: ابن القاضي نموذجا”.
فقد ابتدأت الندوة على الساعة 10 صباحا، بتلاوة مباركة من سورة النور للشيخ رشيد اللويزة.

الجلسة الأولى
انطلقت الجلسة الأولى، التي تولى إدراتها وتنسيقها الأستاذ الشيخ عبد اللطيف زاهد، حيث قدم الكلمة للشيخ عبد الرحمن شتور رئيس الجمعية، الذي رحب بالمشاركين وأشاد بمجهودات العاملين على الجمعية وخص منهم المحسنين الذين يتفانون في الدعم لنشر القرآن الكريم وتعميم تدريسه، ونوّه كذلك بجهود المغاربة في حفظ كتاب الله تعالى..
ثم أعطيت الكلمة للشيخ الفاضل يحيى المدغري مدير مدرسة ابن القاضي، الذي تحدث عن اعتناء المغاربة قديما وحديثا بحفظ القرآن الكريم وتحفيظه والاهتمام البالغ بقراءاته ودراسة مختلف علومه، وقد ركز على أربعة أمور ينبغي الاعتناء بها كثيرا، وهي:
1- التعريف بجهود المغاربة في حفظ القرآن الكريم بقراءاته وطرق أدائه وبرسمه وضبطه.
2- الكشف عن اختياراتهم في القراءات والرسم والضبط.
3- إبراز مكانة الإمام ابن القاضي؛ لكونه رائدا في علوم القراءات والرسم والضبط.
4- الحاجة الماسة لنشر هذا التراث القيم وهذا العلم الدفين في مخطوطاتنا وكتبنا.
ثم جاء الدور على شيخ المدرسة العلامة محمد بن الشريف السحابي حيث أكد وحث الباحثين والطلبة على الأخذ بعلوم القراءات والنهل من معينها الصافي، ثم أبان عن أمله في أن تكثر المدارس التي تعتني بعلوم القراءات خصوصا القراءات العشر للإمام نافع التي جاءت من الأندلس وعرف بها المغاربة وهم يحفظون أسانيدها إلى الإمام الداني، محذرا من زوال هذا العلم، إذ لا يتعدى أئمته في المغرب ثلاثة أو أربعة، ولم يفته أن يشير إلى قصور المغاربة في نشر القراءات العشر للإمام نافع في المشرق.
كما أورد خلال مداخلته أن أهل سوس والجنوب كانوا يرحلون بغية حفظ القرآن بقراءاته وكذا ضبط رسمه وأدائه، حتى قيل لبيان فضل ذلك: “فضل الأخماس على أهل فاس”، أما الآن فقد اندثر كل ذلك وذهب واضمحل.
وفي الأخير عبر عن طموحه وهمّه؛ وهو عودة هذه المدارس إلى ما كانت عليه سابقا، وبكلمته المباركة اختتمت الجلسة الأولى من هذه الندوة.

الجلسة الثانية
تولى إدارة الجلسة الثانية وتنسيق فقراتها الدكتور الناجي لمين، والتي اختصت بإلقاء عروض المشاركين في الندوة من خارج المدرسة، بحيث كان أول المتدخلين فيها الشيخ عبد الإله تجاني الذي ألقى عرضا تحت عنوان: “المدرسة القرائية بالمغرب؛ التأسيس والنشأة” بالنيابة عن رئيس المجلس العلمي المحلي لمدينة سيدي قاسم الدكتور عبد اللطيف الميموني، وقد تضمن معلومات تعلقت بوصايا الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم لسفرائه إلى الأقوام الآخرين بأن يبدؤوا بتعليم القرآن الكريم.
ثم ذكر الفتوحات الإسلامية التي استهدفت المغرب وكانت تعتني أيضا بتعليم القرآن العظيم، كما عرف المغاربة القراءات القرآنية عن طريق الوافدين المشارقة، ثم قام بسرد مجموعة من الأعلام المغاربة الذين اشتهروا بالإقراء.
وبعده تقدم الشيخ الحسن محمد ماديك مدير معهد القراءات بموريتانيا، بمداخلته تحت عنوان: “المحضرة القرآنية بمنطقة شنقيط”؛ قام فيها بوصف طريقة التحفيظ بالمحاضر الشنقيطية، مبينا بعض خصائصها؛ كتدريس كل العلوم والفنون العلمية، والتميز في ملكة الحفظ والاستيعاب، وأنها بمثابة جامعة شعبية..
وقال في آخر مداخلته إن كل أسانيد موريتانيا القرائية لم تعرف سندا غير سند ابن القاضي الفاسي إلى اليوم، ثم قام بسرد أسانيده القرائية.
ثم أعطيت الكلمة للدكتور محمد بوطربوش رئيس المجلس العلمي المحلي لعمالة سلا التي كانت تحت عنوان: “ابن القاضي نشأته وحياته العلمية”، قام فيها بالتعريف بالعلامة ابن القاضي المِكناسي (بكسر الميم) الفاسي، مشيرا إلى خطأ نسبة أصله إلى مدينة مكناس، والصواب أنه ينتمي لقبيلة مِكناسة.
كما أوضح بأنه نشأ في أسرة مرموقة الشأن وكان أبوه من جلاس الملوك والأمراء، وهو ينتسب إلى جده موسى بن أبي العافية القاضي.
والعلامة ابن القاضي من أعلام مدينة فاس الذين لم يخرجوا منها، بل حاز الريادة في العلم والإقراء مما طلبه من علماء فاس والوافدين عليها، ثم أسهب الدكتور بوطربوش في ذكر مشايخه وتلاميذه.
وأما مداخلة الدكتور عبد العزيز الكارتي أستاذ بجامعة الحسن الثاني بالمحمدية، التي عنونها بـ: “قراءة في تراث ابن القاضي”، فقد ذكر فيها بأن ابن القاضي ألف في القراءات على منهج الإفراد، وأنه نتاج لفطاحلة العلماء كما أنه خرج على يديه علماء كبار في علم القراءات، وترك لنا تراثا كبيرا يتمثل في 26 مؤلفا.
وقد توقف الدكتور الكارتي مع مؤلفه: “علم النصرة”، الذي سبق له وأن قام بدراسته في أواخر القرن الماضي، وقفات كنموذج رائع من علوم العلامة ابن القاضي، الذي كان مهتما بعلوم الرسم والضبط كذلك.
وفي الأخير أوصى بالاعتناء والاهتمام بكتب وتراث هذا العلم الشامخ في علم القراءات وطبعها ونشرها باسم المدرسة.
ثم تحدث شيخ المقرأة بجامع الملك خالد بالرياض؛ الشيخ عدنان بن عبد الرحمن العرضي عن إعجابه الشديد بالتراث القرائي المغربي وأكد على ضرورة نشره والتعريف به وتوسيع دائرته ما أمكن لكي لا يندثر ويذهب هباء منثورا من جراء رياح الإهمال والنسيان.

مداخلات الحضور والختام
وبعد انتهاء المشاركين في الندوة من إلقاء عروضهم فتح باب المناقشة والتدخلات، وقد تمحورت حول تقديم الشكر والثناء الجميل للقائمين على المدرسة وعلى جهودهم في خدمة القرآن الكريم، والدعوة إلى الاهتمام بعلم القراءات خصوصا القراءات العشر (الكبرى والصغرى) للإمام نافع.
وفي الأخير تقدم الشيخ محمد رزكي مدير معهد الإمام نافع للتعليم العتيق بسلا بمداخلة كشف فيها اللثام عن مجموعة من الحقائق التي تتعلق بتهميش التعليم الأصيل، والتضييق على التعليم العتيق بهذه البلاد الإسلامية، وهي الحرب التي ابتدأت من عهد مدارس ليوطي، واستمرت من طرف أتباعه إلى اليوم، وقد سبق وصودرت مدارس التعليم الديني ومعاهده وأساتذته في السبعينيات، ولكن والحمد لله صار الإقبال عليه في هذه الأيام ملفتا للنظر.
وعلى الساعة الرابعة زوالا اختتم الشيخ عبد الرحمن شتور الندوة بدعاء خاشع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *