آيات تفهم على غير وجهها (سورة ص) إبراهيم الصغير

قوله تعالى: {وَمَا يَنظُرُ هَؤُلَاء إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً مَّا لَهَا مِن فَوَاقٍ}15.
كلمة «يَنظُرُ» تفهم على غير وجهها، إذ هي من الانتظار لا النظر، أي ما ينتظر هؤلاء إلا صيحة واحدة.
قال القرطبي: ينظر: بمعنى ينتظر.
أما كلمة «من فواق» فهي من الإفاقة و الفيقة لا من فوق.
قال القرطبي: (ما لها من فواق) أي من ترداد، عن ابن عباس. وقال مجاهد: ما لها رجوع. وعن السدي: مالها من إفاقة بعدها ولا رجوع إلى الدنيا.
وقال الفراء وأبو عبيدة وغيرهما: (من فواق) بفتح الفاء أي راحة لا يفيقون فيها.
قال ابن زيد في قوله: (ما لها من فواق): ما لها من صيحة لا يفيقون فيها كما يفيق الذي يغشى عليه وكما يفيق المريض تهلكهم، ليس لهم فيها إفاقة.
قال الفراء: والمعنى: ما لها من راحة ولا إِفاقة، وأصله من الإِفاقة في الرضاع إذا ارتضعت البهيمة أُمَّها ثم تركتْها حتى تنزل شيئاً من اللَّبَن، فتلك الإفاقة. والفيقة اسم اللبن الذي يجتمع بين الحلبتين.

قوله تعالى: {وَقَالُوا رَبَّنَا عَجِّل لَّنَا قِطَّنَا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسَابِ}16.
كلمة «قِطَّنَا» تفهم على غير وجهها، فما حقيقتها؟
قال القرطبي: قوله تعالى: “وقالوا ربنا عجل لنا قطنا قبل يوم الحساب” قال مجاهد: عذابنا. وكذا قال قتادة: نصيبنا من العذاب. الحسن: نصيبنا من الجنة لنتنعم به في الدنيا. وقاله سعيد بن جبير. ومعروف في اللغة أن يقال للنصيب قط وللكتاب المكتوب بالجائزة قط. قال الفراء: القط في كلام العرب الحظ والنصيب. ومنه قيل للصك قط. وقال أبو عبيدة والكسائي: القط الكتاب بالجوائز والجمع القطوط.
قال الطبري: وقوله (وقالوا ربنا عجل لنا قطنا قبل يوم الحساب) يقول تعالى ذكره: وقال هؤلاء المشركون بالله من قريش: يا ربنا عجل لنا كتابنا قبل يوم القيامة. والقط في كلام العرب: الصحيفة المكتوبة.
ومنه قول الأعشى:
ولا الملك النعمان يوم لقيته … بنعمته يعطي القطوط ويأفق
يعني بالقطوط: جمع القط، وهي الكتب بالجوائز.
قال ابن قتيبة: والقط: الصحيفة المكتوبة، وهي: الصك.
قال الزمخشري: القط: القسط من الشيء، لأنه قطعة منه، من قطه إذا قطعه. ويقال لصحيفة الجائزة: قط، لأنها قطعة من القرطاس، وقد فسر بهما قوله تعالى: “عَجِّلْ لَنا قِطَّنا” أي نصيبنا من العذاب الذي وعدته، كقوله تعالى: “وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ” وقيل: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم وعد الله المؤمنين الجنة، فقالوا على سبيل الهزء: عجل لنا نصيبنا منها. أو عجل لنا صحيفة أعمالنا ننظر فيها.
قال ابن كثير: وقوله: {وقالوا ربنا عجل لنا قطنا قبل يوم الحساب} هذا إنكار من الله على المشركين في دعائهم على أنفسهم بتعجيل العذاب، فإن القط هو الكتاب وقيل: هو الحظ والنصيب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *