بعد أزيد من شهر على قرار توقيفه من الخطابة بأمر من وزارة أحمد التوفيق، نشر الشيخ يحيى المدغري كلمة جديدة له على “اليوتيوب”، وجهها لأهل الريف عموما، ولعلمائه ودعاته وطلبة العلم فيه خصوصا، يشكرهم فيها على وقفتهم المشرفة معه، في وجه الهجمة الإعلامية التي شنت عليه بعد كلامه عن زلزال الريف وربط ذلك بعقوبة أهل المخدرات.
ودعا خطيب حمزة بن عبد المطلب الله عز وجل أن يحفظهم، ويحفظ كل من تواصل معه واتصل به، من أهل الريف ومن داخل المغرب وخارجه.
الهجمة الإعلامية التي حرفت كلامه ووجهته لغير المقصود منه وصفها بالحملة الشرسة والحاقدة والقذرة، والتي بلغت أحيانا درجة سبّه وشتمه والنيل منه ومن والديه والأحياء والأموات، وصورته كأنه غول كبير مليء بالشر تهجم على أهل الريف وصلحائه، كما يقول الشيخ يحيى.
كلمته التي خلط فيها بين العربية والريفية، قال فيها إن العالم أو الخطيب وهو يرتجل الكلام قد تخرج منه الكلمة التي قد تحتمل أكثر من دلالة، ولا يقصد بها المعنى الظاهر، غير أن تلك المنابر الإعلامية التي هاجمته حملتها على أسوأ المحامل، بأنه تهجم على أهل الريف ورماهم بالموبقات، وهو الأمر الذي لا يقبل تصوره أو تصديقه، لأن الشيخ -حسب قوله- ابن الريف، وما سبق أن صدرت منه إساءة لإخوانه.
فهو ابن قرية أركمان من قبيلة كبدانة إقليم الناظور، ومشهود له بالفضل عند أهله ولا يحتاج إلى شهادة حسن السيرة والسلوك على أنه ريفي صالح.
وأضاف الشيخ يحيى أن الضوابط التي جعلت العلماء وطلبة العلم من أهل الريف ومن غيرهم من المغاربة يدافعون عنه ويقفون معه ضد هجمة الإعلام، هي ضوابط شرعية توصل إلى الأحكام الصحيحة، مذكرا هنا بكلمة الإمام ابن القيم رحمه الله: “والكلمة الواحدة يقولها اثنان، يريد بها أحدهما: أعظم الباطل، ويريد بها الآخر: محض الحق، والاعتبار بطريقة القائل وسيرته ومذهبه، وما يدعو إليه، ويناظر عنه”، فالمُحَكَّم هو دعوة الشخص وتاريخه الدعوي.
يقول الشيخ يحيى “وأنا الحمد لله لي مئات الخطب المصورة وآلاف الدروس في داخل المغرب وخارجه، لم يسبق لي أن أسأت لإخواني”، مشيرا إلى أنه في أواخر شهر فبراير الماضي أكمل 30 عاما في مسيرته الدعوية واعتلائه منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم (وقد كان خطيبا في مسجد الفتح بحي سيدي موسى بسلا سنة 1986).
ثم بين مدير “معهد ابن القاضي للقراءات”، أن الناس في قضيته صنفان، رجل كانت عنده شبهة وشك، فلما تكلم العلماء والخطباء والدعاة فبينوا توقف وتراجع، بل الكثير منهم اتصلوا به واعتذروا له، من الناظور والحسيمة وامزورن وبني عياش وفرخانة من داخل المغرب وخارجه من هولندا وبلجيكا.. اعتذروا لأنهم فهموا الموضوع خطأ، بالإضافة إلى تراجع بعض المنابر الإعلامية المهنية التي خاضت في حملة الهجوم قبل التبين.
وأوضح الشيخ المدغري أنه فوق السبّ والشتم الذي تعرض له، وصله 13 تهديدا بالقتل، بعضه مباشر وبعضه غير مباشر وهو ما كان بالهاتف، والمباشر مثل ما وقع له عندما حاصرته سيارة وهو يركب سيارته، وبدأ شخص من داخل السيارة الأخرى يهدده بسكين!!
والرجل الثاني حسب الشيخ يحيى عنده حسابات، فهو لا يعترض على يحيى المدغري وإنما حساباته مع المرجعية التي يمثلها يحيى المدغري وينتسب إليها، ولهذا قال: “حتى لو أسكت يحيى المدغري أو قتله أو مات فهو سيبقى عدوا لدودا لتلك المرجعية”!!
ثم قال “ها هم يتسلطون على الرموز العلمية رمزا رمزا، وسيحاولون أن لن يبقوا على أحد، حتى لو قام داعية وقرأ “قل هو الله أحد” دون شرح أو تفسير، لن يتركوه وسيقولون له: “لا نسلم لك بذلك لأنك طعنت في بعض سكان البلد، لأن بيننا من يقول “الله ثالث ثلاثة”، وغيرهم من الملل والنحل، فكيف تقول أنت: “قل هو الله أحد”؟!! وعن هؤلاء قال الشيخ يحيى: “أنا غير معني بهؤلاء وبرضاهم، أنا ما يعنيني أنتم أيها الصالحون، أيها الإخوة والأخوات من أهل الريف، من الأشراف، من الذين يدافعون على عقيدتهم وعلى دينهم”.
إن أمازيغيتنا سرقت منا
ثم وجه الشيخ المدغري كلمة لأهل الريف قائلا: “إن أمازيغيتنا سرقت منا، قفز عليها بعض الوصوليين، ليخدموا أهدافهم ومآربهم وأغراضهم، وأسألكم بالله: متى كان سكان الريف يعرفون غير الله الواحد القهار؟ متى كان أهل الريف عندهم إله اسمه “الإله ياكوش إله الأمازيغ”؟ متى كان أهل الريف يتنازلون عن دينهم وعقيدتهم؟ هل عُرف الريفيون من القرن الأول الهجري دينا غير دين الإسلام؟
فالأمازيغ في المغرب لم يدخلوا الإسلام عنوة أو بحرِّ السيف، وإنما بادروا إلى احتضان الإسلام عن طواعية واختيار منذ عهد الصحابة والتابعين.
فالأمازيغ استقبلوا الإسلام واحتضنوا الإسلام وحموا بيضة الإسلام، ودافعوا عن الإسلام، ولا يزالون يدافعون عن الإسلام.
هل يعقل أن يدافع عن الأمازيغية من يعتقد أن هناك إله اسمه ياكوش؟!
ومن يقول إن العرب والمسلمين دخلوا المغرب غازين محتلين، وعليهم أن يرجعوا ويخرجوا كما دخلوا؟!!
وهذا كلام مبثوث في الصحف والجرائد..
هل يرضى أمازيغي واحد أن يقول: نريد الأمازيغية من غير إسلام ولا عربية؟!
هل تُربط الزلازل بالمعاصي والذنوب؟
ثم أكد الشيخ يحيى المدغري أن ربطه بين الزلزال والمعاصي في الأرض، قول قاله، وسيبقى عليه، لأنه ما خرج فيه عن القافلة الكبرى لأئمة المسلمين سلفا وخلفا، فهذه الزلازل والجفاف والطوفان والأعاصير والكسوف والطواعين والأمراض الفتاكة، كلها آيات من الله سبحانه وتعالى.
وربنا يقول في كتابه الكريم: “وما نرسل بالآيات إلا تخويفا”، ومع أن الدلالة واضحة من هذه الآية، فإن كثيرا من الذين تكلموا قالوا: لماذا تربط الزلازل وهذه الآيات الكونية بما يقع من الذنوب والمعاصي؟
فأجاب: لابد من هذا الربط، فوظيفة العالم والداعية والفقيه أن يربط بين هاته وتلك، فهذه الآيات تكون عقوبة وبلاء، تكون بلاء لأهل الصلاح، فإذا أصابهم هذا البلاء فهو رفعة لهم ومغفرة لهم، وهو عقوبة للمفسدين.
ثم وجه المدغري سؤالا لأهل الريف: هل هناك معصية أو جريمة أقبح وأشنع وأخطر من تفشي المخدرات؟ وهل سلم أحد من معارفكم من أسْر المخدرات وشرها؟
ثم أجاب: أنا أعلم عندنا في كبدانة من أقاربنا من ابتلي بهذه الموبقة، وضيعَته.
وأردف قائلا: كنت في محاضرة في ألمانيا عن موضوع المخدرات، فلما انتهيت تقدم عندي أحد إخواننا من قبيلتنا وهو يبكي ثم قال: يا شيخي لي ابنتان دخلتا في عالم الإدمان استدرجهما بعض رفقاء السوء دسوا لهم المخدرات في الحلوى قبل أن يدمنوا عليها!!
وتساءل: كم من مرة نفاجأ بأن بنت أو ولد فلان من الأخيار والشرفاء قد ابتلي بالمخدرات.. هل هؤلاء المبتلون من أبنائنا وبناتنا ولدوا هكذا مدمنين، حتى فقدوا عقولهم، أم هناك أباطرة ومتاجرون في المخدرات يجمعون الملايير على حساب أبنائنا وبناتنا؟!
وفي الأخير كشف الشيخ المدغري: “أنا لست في محاضرة أكاديمية، وإنما هي هموم أبثها نفثة مصدور فتحملوني بارك الله فيكم، وجزاكم الله خيرا..
وأشهد الله وملائكته أني أسامح كل من آذاني وولغ في عرضي أو هددني، لأنني لا أحب أن ألقى الله وفي صدري حقد أو ضغينة على أحد من هذه الأمة”.