جولة مراكش موكادور ذ. إدريس كرم

نتابع في ما يلي تقرير الكولونيل “منجان” بعد دخوله مراكش:
في الخامس عشر من أكتوبر 1912 غادر كولون مراكش نحو موكادور تحت قيادة وإمرة الكولونيل “منجان” قائد الناحية، وكان الكولون مكونا من:
القيادة العليا والمصالح
القائد الكولونيل منجان، الأركان: القبطان كورسود، القبطان كرفانويل، القبطان كورنيط، الطبغرافية: ليوطنا رونو، المدفعية: الكومندان بينواط، الفرسان: الكومندان مارتيني، إدارة: كيلهاك، مصلحة الصحة: الطبيب شاطين، مصلحة البيطرة: البيطري مارتين، مصلحة المعلومات: ليوطنا لابول، الترجمة: التلميذ الترجمان بن داود.
القوات
المشاة: فوج الاستعمار بوتيلوب، فوج الجزائريين بيرون، فوج الجزائريين كورنو، فوج السنغاليين مانهوفن، فوج السنغاليين بلانجي، المدفعية: بطارية ونصف جبال، فرسان: فصيلة قناصة، برطيزة: الشاوية والرحامنة ليوطنا سيمون.
كان الكولون قويا مكونا من حوالي 3000 رجل، وسيارة إسعاف متنقلة، ومصلحتين للذخيرة، (100 جمل)، و(300 بغل)، من قيادة فرقة سنغال، وقافلة إعاشة لمدة ستة أيام.
ليوطنا سافي بقي قائدا للقوات التي تركت بمراكش للحراسة والمراقبة، مكونة من الفيلق الأول زواوا، فيلق البطاريات الثاني 75، الفصيلة الرابعة اصبايحية، كما ترك الكولون المغادر فصيلة لتهيئ ثكنة بكليز تكون مقرا لها بعد العودة من جولتها.
عرض موجز للوقائع الطارئة في الجولة
هناك ثلاثة طرق تصل مراكش بموكادور:
الشمالية عن طريق انزالة شيشاوة.
الجنوبية عن طريق تلامنزو، قصبة كايرة، دار القايد لمتوكي وضفاف لقصوب.
وأخيرا طريق وسطى تخرج من جنوب سوق الحد امطاع المجاط، وتأخذ شمالا طريق سوق الثلاثاء الحنشان.
الكولون تابع طريق الشمال، وعسكر يوم 15 في واد نفيس، مخترقا الأراضي لغاية واد شيشاوة حيث توجد بها أراضي مخزنية شاسعة بها دواوير تنتمي لقبائل مختلفة، لودايا (قبيلة كيش) اولاد بسبع، اولاد سيدي الشيخ (استقدموا من الجزائر من قبل مولاي الحسن) ارحامنة، كل هذه القبائل كانت طائعة هادئة، أحيانا يقع بعض الشجار الفردي يقوم الباشا الحاج التهامي بالفصل فيه.
يوم 16 استولى الكولون على انزالة مزودية، وهي الناحية الموجودة بين واد نفيس ومزودية؛ كانت دائما خاضعة للمخزن مملوكة من قبله، مسكونة بدواوير من مختلف القبائل، احمر، الشياضمة، الرحامنة، تادلا، مزودية محتلة من قبل جزء من اولاد فرجان، هذه الفرقة احتجت على التحكم فيها وابتزازها من قبل رجال سي عيسى بن عمر، هذا الإنذار رفع لكومندار ناحية دكالة عبدة.
يوم 17 أقام الكولون معسكره على واد شيشاوة بنزالة شيشاوة، وخلافا للساكنة التي أبانت لحد الآن ترحيبا بنا؛ لم تبعث الدواوير المجاورة للمعسكر ممثليها للسلام على كومندار الكولون بل رفضوا بيعه الشعير.
أعمال السخرة المفروضة على السكان الخاضعين تم إنجازها تحت إمرة وحماية مفرزة عسكرية صغيرة، يهود شيشاوة أظهروا لنا وقاحة، وقد عوقب جميع ساكنة الملاح بذعيرة 1000 دورو من قبل ولد فرجان.
البلاد المجتازة يوم 17 كلها محتلة من برطيزا فرجان (اقليم شيشاوة)، حكم القائد سي عبد المالك لمتوكي المحتفظ بقيادته.
يوم 18 اجتاز الكولون احمر الجنوبية ووصل لأولاد بسبع الشمالية في زاوية المختار مقر القايد حيرا المعادي للفرنسيين، والذي تميز في أيام وجود الهبة في الحوز، والمتشبث بموقفه بعد انهزام الهبة، وقد فر مع عدو آخر لنا هو القايد الناجم من اولاد ادليم؛ حيث أخذا طريق سوس قبل أيام من وصول الكولون لاولاد بسبع.
القصبة التي كانت مأهولة من قبل بعض المشايعين له أفرغت واحتلت من قبلنا دون مقاومة بعد طلقات مدفعية؛ قبلها كان مقدم زاوية سيدي المختار قد قدم لتوقيع عقد الطاعة والخضوع.
الزاوية كانت محصنة بعناية؛ في نفس الصباح المسمى محمد بن بشير القائد السابق لأولاد عمر زمن مولاي حفيظ قدم طاعة هذه الفرقة؛ شخصية أخرى هو محمد بن علي ممثل فرقة اولاد عمران الذي كان قائدا زمن مولاي عبد العزيز، قدم أيضا أثناء التواجد بزاوية سيدي المختار، يوم 19 سمح باستقبال ممثلي جماعة الفرقتين المكونتين لأولاد بسبع وقبول تسمية القائدين السابقين مؤقتا عليهما.
مغادرة الزاوية تم عبر أراضي الشياضمة المكونة من ثلاث فرقات: كريمات، كوبان، حاجي.
الكولون عسكر يوم 20 عند كريمات بعين تفتاش، لكريمات الملحقين بلمتوكي بعثوا لقائد الناحية ممثلي جماعتهم للاحتجاج عند تقديمهم الطاعة على ما يتعرضون له من ابتزاز خليفة لمتوكي عليهم بوسلهام، ملحين على ضرورة تغييره فاختير خليفة الحاج مكي بن مختار من قبل القبيلة بموافقة كومندار الجهة وبعث به لسي عبد المالك متوكي ليقدم قائدا يوم 04 نونبر بعدما اعتمده.
في كل الحالات المستعجلة يتباحث فيها كومندار دائرة موكادور مع الخليفة مباشرة ومن أجل المسائل الإدارية يتم المرور عن طريق وسيط القائد سي عبد المالك لمتوكي بصفة مؤقتة في انتظار تعويضه بقائد مستقل.
في 21 وصل الكولون سوق الثلاثاء الحنشان؛ القياد، سي العربي، كبان، الحاج، كانوا قد قُدموا من قبل رئيس الفصيلة ماسوتيي، كومندار دائرة حاحة الشياضمة قدم للقاء كومندار الناحية مع مفرزة موكادور المكونة من فوجي زواوا وطابور البوليس.
وفي 21 واصل الجميع السير نحو موكادور قاطعين بلاد الشياضمة جنوب جبل الحديد حيث وصلوا المدينة يوم 23 فاستقبلوا بحماس من قبل الأهالي والمعمرين الأوربيين والباشا والقائد السابق لحاحة الجنوبية الكلولي، الذي حضر مع ممثل القنصل كوفيريي لمقابلة كومندار الناحية بمسعى من الكلاوي.
الكلولي كان منحازا لجانب الهبة حيث سار معه عندما دخل مراكش وبقي على تواصل معه مما خلف صدمة في ناحية موكادور، لأن متمردي إيداوكلول كانوا وراء إفشال محاولة بسط سلطتنا على أكادير، الكلولي اتخذ موقفا معاديا لفرنسا لكن اقتراب الكولون جعله يقبل دعوة كومندار الناحية الموجهة له بواسطة كومندار دائرة موكادور وحضر في ظل وعد الأمان.
من أجل استمالة المدينة والحفاظ على ولائها لنا ارتأى الكولونيل في هذه الظروف ترك الكلولي قائدا على الناحية مؤقتا إذا قبل المخزن بشرط إعطاء ضمان مثل باقي القياد وهو الماهمة في حركة مولاي رشيد ضد الهبة.
كومندار الناحية في حديثه مع الكلولي وجد أنه إنسان شاب ضخم الجثة بدين يرتدي لباسا أبيض مورد له وجه مدور بلحية شقراء تحس من هذا الأهلي بأنه مؤيد لماء العينين متعصب صعب المراس.
الكلولي رفض صراحة قيادة قبيلته من أجل التنازل للحماية الأجنبية، ويظهر وجوب تعيين قائد آخر وتركه يعاقب الكلولي باسم المخزن على خيانته العظمى.
بعد استراحة في موكادور يومي 24 و25 ارتأى كومندار الناحية أن يأخذ طريق العودة لمراكش، وقبلها كان عليه تسوية مسألة الكلولي، ومن أجل ربط الاتصال بحاحا كان من اللازم أخذ الطريق المارة جنوب واد كصوب.
الوضعية السياسية للبلاد تلزم تكوين كولونين، واحد تحت إمرة الكومندار كورني مكون من ثلاثة أفواج وفصيلة 65 وسرية حراسة للقافلة القاصدة دار لمتوكي عن طريق ضفاف كصوب.
الثانية مكونة من فوجين وسرية وبطارية 65، معززة بمفرزة من 200 من زواوا مصحوبة بطابور البوليس لحماية القافلة الثقيلة للبغال، النازلة نحو سوق أحد سميمو، قاطعة مرتفعات الجبال للوصول لسوق الإثنين قرب قصبة أنافلوس، قصد التوجه عبر دار سلطوني نحو دار القايد لمتوكي.
هنا عادت مفرزة موكادور لثكنتها، وكذا جميع قوات مراكش دخلت مجتمعة لمراكش، في حين واصل كولون كورن طريقه نحو دار لمتوكي دون حوادث.
الكولون الثقيل المصاحب للقائد أنافلوس الخارج من حاحة شمالا ليصل يوم 26 بعدما قطع 35 كلم لسوق الحد اسميمو حيث وجد أعيان إداوكلول.
هناك اقترحوا تعيين خليفة لأنافلوس فسمي الحاج لحسن بن محمد مؤقتا ريثما يوافق المخزن الذي يحتفظ له بالإقرار النهائي، لذلك يبقى التعيين كاقتراح مؤقت، القنصل وكومندار دائرة موكادور أعطوا لكومندار الناحية الضمانة الكافية بأن الأعيان المرافقين لهذا الشخص يمثلون إجماع القبيلة عليه.
وجوابا على العرض الذي قدمه لهم كومندار الناحية بدار الكلولي لضمان سلطة القائد الجديد، قالوا بأنهم متأكدون من خضوع القبيلة كافة بعد هذه الزيارة.
يوم 27 الكولون الثقيل بعد مرحلة شاقة عبر الجبال استقبل بحفاوة من السكان عند وصوله سوق إثنين نكنافة على بعد مسير ساعة جنوب قصبة القايد أنافلوس.
كومندار الناحية وكومندار الدائرة مع بعض الضباط المحروسين بمفرزة صغيرة توجهوا عند القائد حيث خصهم باستقبال حسن.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *