وصفة الولاء والبراء على «الطريقة المدخلية« د. رشيد نافع

إن أكثر من يفسد الدين هم دعاة السوء أهل الضلال والهوى، هم أمام الناس أهل صلاح وتقى، وفي حقيقة أمرهم يريدون بالإسلام شرا، فتراهم يهيجون الناس ضد الحكومات المسلمة باسم الإصلاح والتغيير، وينادون بالخروج على حكام المسلمين باسم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ونصرة المظلومين.
وصح عن ابن سيرين رحمه الله أنه قال: “إِنَّ هَذَا العِلمِ دِينٌ، فَانظُرُوا عَمَّن تَأخُذُونَ دِينَكُم”.
قبل سنتين ظهرت فئة ضالة منحرفة من خوارج العصر سموا أنفسهم (داعش)، وتناقلت أخبارهم باهتمام بالغ وغريب عبر وسائل الأعلام المختلفة، أكسبتها شهرة غير مسبوقة في زمن قياسي!!! تكفر الحكومات وعلماء الإسلام، ولا عجب من حالهم فأجدادهم من الخوارج لم يرضوا بحكم وخلافة من هم خير من أهل الأرض جميعا في ذلك الوقت، فقتلوا الخليفة الراشد الصحابي عثمان بن عفان رضي الله عنه، بحجة إقامة العدل وتطبيق شرع الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقتلوا الخليفة الراشد علي بن أبى طالب رضي الله عنه بحجة الانتقام لدين الله، فإذا لم يرضوا بحكم الصحابة الكرام رضوان الله عليهم المقطوع لهم بالخيرية فهل سيرضون بحكام المسلمين اليوم مع ما فيهم من التقصير، بكل تأكيد لا..، قال الإمام الآجُرِي رحمه الله: “فلا ينبغي لمن رأى اجتهاد خارجي، قد خرج على إمام، عدلا كان الإمام أو جائرا، فخرج وجمع جماعة، وسل سيفه، واستحل قتال المسلمين، فلا ينبغي له أن يغتر بقراءته للقرآن ولا بطول قيامه في الصلاة، ولا بدوام صومه، ولا بحسن ألفاظه في العلم، إذا كان مذهبه مذهب الخوارج” (كتاب الشريعة؛ ص:28).
ويقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: “لا يزال الناس صالحين متماسكين ما أتاهم العلم من أصحاب محمد ومن أكابرهم، فإذا أتاهم من أصاغرهم هلكوا”.
وعن ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “الْبَرَكَةُ مَعَ أَكَابِرِكُمْ” صححه الألباني.
البركة مع الأكابر الذين رسخت أقدامهم في العلم وطالت مدتهم في تحصيله وأصبح لهم مكانة في الأمة بما آتاهم الله عز وجل من العلم والحكمة والرزانة والأناة والنظر في عواقب الأمور، وليس كالمداخلة الذين يتدخلون في شؤون بلدان لا يعرفون حتى جغرافيتها وتاريخها، فلم يسلم منهم بلد ولا بشر إلا من شاكلهم وشابههم، بل عقدوا ولاءهم وبراءهم على شخص واحد وكلامه، ففيه يوالون ويحبون ويعادون ويبغضون، إنه الولاء والبراء على الطريقة المدخلية الربيعية!!
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: “وليس لأحد أن ينصب للأمة شخصًا يدعو إلى طريقته، ويوالي ويعادي عليها، غير النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولا ينصب لهم كلامًا يوالي عليه ويعادي، غير كلام الله ورسوله وما اجتمعت عليه الأمة، بل هذا من فعل أهل البدع الذين ينصبون لهم شخصًا أو كلامًا يفرقون به بين الأمة، ويوالون على ذلك الكلام أو تلك النسبة ويعادون (درء تعارض العقل والنقل 1/272، والفتاوى 20/164.
وقال أيضا: “ومن نصَّب شيخاً كائناً من كان، فوالى وعادى على موافقته في القول والفعل، فهو من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً” مجموع الفتاوى؛ 20/8.
وقال أيضا: “كثير من الناس يخبر عن هذه الفرق بحكم الظن والهوى فيجعل طائفته والمنتسبة إلى متبوعه الموالية له هم أهل السنة والجماعة؛ ويجعل من خالفها أهل البدع وهذا ضلال مبين. فإن أهل الحق والسنة لا يكون متبوعهم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى فهو الذي يجب تصديقه في كل ما أخبر؛ وطاعته في كل ما أمر، وليست هذه المنزلة لغيره من الأئمة، بل كل أحد من الناس يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم. فمن جعل شخصا من الأشخاص غير رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحبه ووافقه كان من أهل السنة والجماعة، ومن خالفه كان من أهل البدعة والفرقة -كما يوجد ذلك في الطوائف من اتباع أئمة في الكلام في الدين وغير ذلك- كان من أهل البدع والضلال والتفرق”. مجموع الفتاوى 3/346.
تساؤل:
هل خفي على المداخلة أن العلماء والدعاة يخطئ في حقهم فريقان من الناس: فريق يغلو فيهم ويتبعهم في زلاتهم، وينتصر لأقوالهم بغير حق، وفريق يتتبع عثراتهم، ويرميهم بما ليس فيهم، والحق وسط بين الفريقين، وهذا صنف عزيز ونادر والتوفيق من عند الله؟!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *