1 ــ ما يلفت النظر في تداعيات الانقلاب التركي مفهوم الوصاية والانتداب الذي ما يزال يحكم العقل السياسي الأور أمريكي، وكأن العالم ما يزال يعيش في حقبة القرون الماضية، وأن معايير وقيم العالم الغربي هي الصحيحة، وعلى العالم كله أن يتبناها ويقتدي بها، ومن يخالفها يعتبر من خارج منظومة العالم المتحضر.
ما يلفت النظر ويدعو للدهشة والاستغراب أيضا؛ هو الهجمة الإعلامية الشرسة التي تتعرض لها تركيا، من الكثير من الوسائل الإعلام الغربية هذه الهجمة لم تبدأ في ليلة 15 يوليو، ليلة الانقلاب الفاشل على القانون، بل هي قائمة منذ عدة سنوات وبشكل سافر. هدف هذه المؤسسات الإعلامية المنحازة هو شيطنة شخصية الرئيس التركي وقلب الحقائق رأسا على عقب وإلقاء الضوء على ما يحصل في تركيا من زاوية المصالح الأورو أمريكية فقط.
2 ــ ما حدث في تركيا في الخامس عشر من يوليو لم يكن مجرد محاولة انقلاب عسكري قامت بها شرذمة مغامرة داخل الجيش؛ وإنما هناك العديد من الشبهات التي تطوق دول الأطلسي، لا يمكن تجاهلها، كانت بوابتها الأولى قاعدة إنجرلك، فالقادة الأمريكيون والمسؤولون الغربيون، وضعوا أكثر من قناع إزاء الواقعة التركية، وقد كشفت المواقف الغربية قدرا كبيرا من المراوغة، فكانت إحدى جوانب الصورة الأورو أمريكية، تتسم بالسلبية ومن بيناتها: الصمت المريب والترقب المنافق، حتى إدانتهم لواقعة الانقلاب جاءت في الوقت الضائع. كما عمدوا في ذات الوقت إلى ممارسة ضغوطات قوية ومتواصلة ضد الحكومة التركية، في محاولة منهم لحماية المتورطين بالمؤامرة، تحت ذريعة ضرورة احترام السلطات التركية لمعايير القانون وحقوق الإنسان في تعاملها مع المتآمرين .
3 ــ رغم أن واشنطن هي (حليف) استراتيجي لأنقرة؛ إلا أنها تجد في السياسة التركية عقبة كأداء تعيق تحقيق مشروعها الجديد في منطقة الشرق الأوسط؛ والهادف إلى تقسيم بعض دولها كسورية والعراق.
4 ــ محاولة إلهاء تركيا باصطناع أزمات داخلية لصرف أنظارها عما يجري في محيطها الإقليمي؛ كي يتاح تمرير مؤامرة تقسيم المنطقة، وإقامة دويلتين كردية وعلوية على حدودها الجنوبية، تشكلان مصدر خطر وتهديد دائمين لها. ومن البديهي أن يقاوم الأتراك هذا المشروع التخريبي حماية لأمنهم القومي واستقرار بلادهم.
ويتعين هنا أن لا ننسى أن ثمة خطة تعمل عليها الـ(CIA) لتقسيم تركيا تسعى من خلالها لإيجاد حكومة كردية مستقلة في الشرق الأوسط، وأن الإدارة الأمريكية وجهاز الـ(CIA) قد قاما بخطوات في إطار هذه الاستراتيجية بدعم وتشجيع القوى الانفصالية.
5 ــ بعد فشل الانقلاب سرعان ما تراجعت أمريكا وأوروبا عن وصف الانقلاب بالانتفاضة، بعدما تأكدا تماما من سيطرة السلطة على الوضع، حيث قاما بتأييد أردوغان.
6 ــ أن الموقف الأمريكي كان مضطربا ومتراخيا ومراوغا في البداية، ولكنه اضطر إلى الانحياز جانب الشرعية في تركيا حين بدا أن الانقلاب لم يسيطر تماما على السلطة في أنقرة.
7 ــ ثبت لدى الحكومة التركية أن فتح الله غولن، هو المتهم الرئيسي بالوقوف خلف محاولة الانقلاب العسكري الفاشلة؛ بوصفه أداة يستخدمها الأمريكيون اليوم في محاولة إدخال تركيا إلى الفوضى، ولذلك سوف تبقى أصابع الاتهام متجهة بشكل مباشر لجماعة فتح الله غولن، حيث أن هذه الحركة هي صاحبة المصلحة الأولى في المحاولة الانقلابية، ولذلك سوف تبقى الشكوك تحوم حول غولن وأن امتناع الحكومة الأمريكية تسليمه إلى السلطات التركية يعتبر مؤشرا على دعم أمريكا للانقلابيين.
تؤكد “وول ستريت جورنال” في هذا الصدد؛ بأن المسؤولين الأمريكيين الذين يواجهون الانتقادات بشأن غولن هم الآن في صدد مراجعة الأمر والوقوف بدقة على أداء غولن ومعرفة تحركاته وإعداد رد على المطالب والاتهامات التركية.
8 ــ أن الأمريكيين وحلفائهم الأوربيون، ومعهم الروس والإيرانيون يسعون بكل الوسائل والسبل الممكنة للتخلص من الرئيس أردوغان؛ كي يسهل عليهم تنفيذ مؤامرتهم بتقسيم المنطقة، وتفتيت تركيا في وقت لاحق؛ بعد إغراقها بالفوضى والصراعات الداخلية.
مركز أمية للبحوث والدراسات الاستراتيجية