كثرت الدلائل المنطقية والحجج القانونية، وتكررت توضيحات الحقوقيين والإعلاميين التي تؤكد هزلية الربط بين تفسير الدكتور المغراوي وإغلاق دور القرآن، بالإضافة إلى تصريح الدكتور نفسه في منابر متعددة اعترافا بالإشكال وتوضيحا لإزالته وتبرأ من أي اتهام مفتعل أو تصنيف عدواني، فضلا عن مطالبته بالمؤاخذة الشخصية إن اقتضى الأمر بعيدا عن تحميل “دور القرآن” ما لا تحتمل.
وإلا فلنحمل القنوات والجرائد.. التي تحفل يوميا بعشرات التصاريح الملغمة والناسفة.. ناهيك عن كون الجمعيات جهرت بموقفها وأعلنت توجيهها لكلام الدكتور وصرحت بانتفاء الارتباط المعلن بينها وبينه، اللهم إلا أن يقصد الرابط العام الذي لا يتصور إزالته بين كل الموجودات على حد قانون النسب الفلسفية، الحاصل بين الدولة ودور القرآن.
رغم كل ذلك يأبى السيد وزير الداخلية إلا أن يعيد على الأسماع “تفسير المغراوي” ووصفه بما يفنذه الواقع والتاريخ.. في إهمال كبير لكل التوضيحات والتصريحات السالفة.. فهل “قضي الأمر الذي فيه تستفتيان” وأن القاعدة “أنت كما نرى لا كما أنت”.
وأن الرؤيا أحادية الجانب و”المعايير مزدوجة”.
ألسنا في دولة ترعى السلامة الجسدية لنوع من السكارى بل وحياتهم ونقلهم على الفور بواسطة سيارة إسعاف إلى أقرب مؤسسة استشفائية عمومية أو خاصة إذا رغبوا في ذلك؟! وإبقائهم في جميع الحالات تحت مراقبة الشرطة لحين استرجاع وعيهم، حيث يتم اتخاذ جميع الإجراءات القانونية وتقديمهم للنيابة العامة صيانة لكرامة الإنسان وحقوقه، ولو كان مشتبها به وارتكب جرما في حالة تلبس وذلك تماشيا مع متطلبات دولة الحق والقانون ودستور المملكة والقوانين الجاري بها العمل. (بيان الإدارة العامةـ جريدة المساء ـ 657/ 30/10/2008.
أما إحالة الوزير الجمعيات المتعسَّف في حقها على “رفع دعوى قضائية” فهو أمر كان يسعها منذ الإغلاق الأول 2003، ولكن يبدو أنها آثرت طريق المحاورة الودية والسمع والطاعة، ظنا منها أن الإجراء مؤقت، تحقيقا للمصلحة العامة التي ترتئيها التدابير السلطوية كما جرت به العادة سنين عددا، مع أننا نوقن بأن إحالتنا على القضاء المغربي النزيه إحالة على عدالة دولة الحق والقانون والإنصاف والمصالحة.