قررت الحكومة المغربية المصادقة على قانون القنب الهندي المثير للجدل، منحازة للفريق الذي ينظر بعين الرضا لهذا القانون، والذي يوفر من وجهة نظره دخلا مهما لخزينة الدولة، ويوفر فرص عمل لعدد من المواطنين، ورفع دخلهم بعد تخلصهم من هيمنة مافيا الاتجار الدولي بالمخدرات. ومحبطة لفئة أخرى، ترى أن في هذا التقنين تكريسا لتجارة المخدرات التي تعرف نشاطا في المناطق التي يزرع فيها بشمال المغرب، وخطوة من المتوقع أن تنتقل من الاستعمال لأغراض طبية إلى أغراض الترفيه كما هو الحال في عدد من دول العالم.
لقد صادقت الحكومة على مشروع قانون تقنين القنب الهندي، الذي تتخلله مساحات غموض ستكون مدخلا لاتجار بالمخدرات تحت سقف القانون.
والواقع يؤكد أن في تجارب دولية، كما في أمريكا اللاتينية، أدى تقنين زراعة القنب الهندي إلى الإضرار بالفلاحين الصغار، حيث أصبحوا تحت رحمة المستثمرين الكبار، كما أنه إذا اتسعت رقعة المساحات المزروعة، وشملت مناطق ذات جودة عالية من حيث التربة والسقي والبنية التحتية، فسيزداد سكان المغرب العميق، المعروفة تاريخيا بزراعة القنب الهندي، فقرا وتهميشا، مما سيرسخ عندهم الرغبة في الاتجار بالمخدرات، بدل الانخراط في مشروع الحكومة.
وهذا الأمر يبين بشكل واضح الخلل في مشروع القانون هذا ويؤكد أنه من الصعب جدا تسويق وتصدير القنب الهندي ومنتجاته لأغراض طبية وصيدلية وصناعية فحسب، إذ الترفيه والتخدير هو الأقرب للقنب الهندي.
وهناك أمر آخر فالكمية التي ينتجها المغرب من القنب الهندي حسب تقرير الأمم المتحدة للمخدرات لسنة 2020، تصل إلى حوالي 35 ألف طن، أما المساحات المزروعة بهذه العشبة ما بين 2016 و2018، فتصل حسب التقرير ذاته إلى 47 ألف وخمسمائة هكتار، وإذا فرضنا أن هناك طلبا على القنب الهندي للتطبيب فهو طلب ضعيف جدا وكمثال فألمانيا تستورد 25 طنا فقط، وهذا يفرض تساؤلات عدة حول الكمية التي يطلبها السوق الطبي من القنب الهندي؟ وأين ستذهب الكمية الكبيرة المتبقية من إنتاج المغرب من القنب الهندي؟
كما أننا نجد أن المزارع يبيع الهكتار المزروع بالقنب الهندي بسعر قد يصل إلى 40500 درهم 40.5 مليون لمافيا الاتجار بالمخدرات، بينما لا يتجاوز سعر الهكتار من القنب الهندي المستعمل لأغراض طبية، 7200 درهم، فليس من المنطق والمعقول أن يرضى المزارع بهذا الفرق الشاسع بين الأثمنة؟ وبين ما تعرضه مافيا الاتجار بالمخدرات من ملايين، وبين ما تعرضه الحكومة من ثمن بخس لا يرقى لتطلعات المزارعين.
وتؤكد التجارب أن تقنين استعمال القنب الهندي لأغراض طبية، هو تمهيد لقوانين تابعة له ترفع التجريم عن استعمال القنب الهندي للتخدير والترفيه، كما هو الحال في دول أمريكا اللاتينية وألمانيا وهولندا وكندا والوليات المتحدة وغيرها من الدول.
هذا وشدد خبراء أن إقرار قوانين من هذا القبيل تتسبب في إضعاف مقاومة المجمع وتشجيع آخرين على استعمال المادة المخدرة، وإذا أصبحت المناعة المجتمعية ضعيفة، والقابلية أقوى، ترتفع أصوات جديدة تطالب بتقنين الاستعمال والاتجار من أجل الترفيه، أضف إلى هذا جاذبية القيمة السوقية للقنب الهندي التي تسيل لعاب أقوى اللوبيات الاقتصادية في العالم والتي تضغط من أجل تقنين كافة استعمالات “الحشيش”، وبالتالي فهي خطوات حثيثة من الاستعمال الطبي للقنب الهندي إلى غيره تحت حماية الأنظمة العالمية.