المؤتمرات الدولية.. وشرعنة قتل الأجنة في الأرحام

قضية الإجهاض كانت من الموضوعات التي أثارت نقاشاً ساخناً واعتراضاً على النصوص الواردة حولها، قبل انعقاد المؤتمر الدولي للسكان والتنمية في القاهرة عام (1415هـ-1994م) وأثناءه، حيث إن خمسة وثمانين دولة تحدثت عن هذه القضية في المؤتمر، بل كانت محل خلاف حتى في الجلسة الختامية للمؤتمر بين الوفود الإسلامية وعدد آخر من الدول وبعض الجمعيات من دول إفريقية وآسيوية وأوربية والفاتيكان من جانب، وبين وفود الدول الغربية من جانب آخر؛ التي أرادت أن تضع تشريعاً دولياً -من خلال هذه المؤتمرات- لانتشار عمليات الإجهاض، واعتبارها وسيلة طبية لتنظيم النسل، والتخلص من الحمل الحرام -أو ما يسمى في نصوص المؤتمر: التخلص من الحمل غير المرغوب فيه- الذي انتشر كثيرا في العصور المتأخرة.

ومما جاء في تقرير المؤتمر العالمي الرابع المعني بالمرأة/بكين (1416هـ/1995م): على وجه التحديد:
– ينبغي النظر في استعراض القوانين التي تنص على اتخاذ إجراءات عقابية ضد المرأة التي تجري إجهاضاً غير قانوني.
ومعظم المؤتمرات الدولية التي تعنى بالمرأة ركزت على هذا الأمر، وأكدت على:
– الدعوة إلى أن يكون الإجهاض غير مخالف للقانون، وأن يكون مأموناً طبياً.
– الدعوة إلى إلغاء القوانين التي تنص على اتخاذ إجراءات عقابية ضد المرأة التي تجري إجهاضاً غير قانوني.
– الدعوة إلى أن يكون الإجهاض حقاً من حقوق المرأة، وتيسير حصولها على هذا الحق، عندما تريد إنهاء حملها.
– الدعوة إلى إنشاء مستشفيات خاصة للإجهاض.
– الدعوة إلى قتل الأجنة داخل الأرحام، بحجة أن هذا الحمل غير مرغوب فيه.
وبالنظر إلى ما تدعو إليه هذه المؤتمرات من المطالبة بالإجهاض المأمون والقانوني من جهة، والنظر إلى ما تدعو إليه من حقوق الطفل من جهة أخرى نجد أن هناك تناقضاً من ناحيتين:
أولاهما: أن في إباحة الإجهاض الآمن دعوة صريحة إلى حرمان الجنين من أهم حقوقه، ألا وهو حقه في الحياة، فالإجهاض قتل للنفس التي حرمها الله إلا بالحق كما قال تعالى: {وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ}، وإذا ما عرفنا أنه تجرى ما بين أربعين إلى ستين مليون حالة إجهاض سنوياً في العالم، أي يقتل طفلان كل ثانية تقريباً، أدركنا خطورة هذه الدعوة وما ينتج عنها من ويلات.
فهذه المؤتمرات التي تدعو إلى قتل الأجنة عبر الإجهاض الآمن والقانوني!!
ثانيهما: إن هذه المؤتمرات تحث الحكومات على اتخاذ التدابير اللازمة لمنع اختيار جنس الجنين قبل الولادة.
حيث “أصبح الإجهاض يستخدم لقتل البنات، وذلك بعد أن تقدمت الوسائل الطبية لمعرفة جنس الجنين بواسطة الموجات فوق الصوتية. وقد نشرت مجلة التايم الأمريكية تحقيقاً وافياً عن جريمة وأد البنات العصرية. جاء فيه أن في مدينة بومباي في الهند أكثر من خمسمائة عيادة لمعرفة جنس الجنين وبالتالي إجهاضه إذا كان بنتاً. وانتشرت هذه العيادات أيضاً في الصين، وعندما يتبين أن المرأة تحمل أنثى فإن الإجهاض يتم في معظم تلك الحالات رغم أن الجنين يكون قد جاوز أربعة أشهر بيقين.
وهذه العيادات موجودة أيضاً كما تقول التايم الأمريكية في أوربا والولايات المتحدة وغيرها من الأقطار، وتقوم بإجهاض الجنين إذا كان جنسه غير مرغوب فيه”. (الانفجار السكاني للدكتور محمد البار).
فهذه المؤتمرات تمنع من اختيار جنس الجنين قبل الولادة، وذلك عن طريق إجهاض الجنين غير المرغوب فيه – وهو الأنثى في الغالب، ثم هي تسمح بالإجهاض بشرطيه (أن يكون آمناً طبياً وقانونياً)، فأي تناقض بعد هذا؟!
ثم إذا أبيح الإجهاض بالكيفية التي أشارت إليها هذه المؤتمرات؛ فإنه سيترتب من جراء ذلك -بالإضافة إلى الأضرار التي سبق ذكرها- أضرار ومفاسد، أخرى:
أ – تناقص النسل إلى درجة خطيرة، فإذا أبيح الإجهاض زاد عدد حالات الإجهاض، وكلما زادت حالات الإجهاض قل تبعاً لذلك النسل. وهذا ما دفع دولاً كثيرة مثل ألمانيا إلى تحريم الإجهاض وتشديد العقوبة عليه، بعدما أباحته مدة طويلة من الزمن؛ وما ذلك إلا لأنها وجدت هذه الحقيقة ماثلة أمامها، وأن نسبة السكان بدأت تتناقص بشكل ينذر بالخطر.
ب – انتشار الفاحشة وشيوعها وسهولة الوصول إليها. فإذا أبيح الإجهاض ازدادت الفاحشة انتشاراً؛ بسبب تزايد السبل الميسرة لإسقاط ثمرة الزنى، وكلما تزايدت الفاحشة في مجتمع ازداد عدد حالات الإجهاض، فهي نسبة تزايد طردية.
ولا يخفى أن انتشار الفاحشة في أي مجتمع من المجتمعات ينطوي على أضرار اجتماعية وأخلاقية وصحية جسيمة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *