لا للزواج الشرعي المبكر.. نعم للزنا المبكر

لضمان تطبيق الاتفاقية التي تفرضها الأمم المتحدة تم تأسيس لجنة خاصة للمتابعة على مستوى العالم تسمى لجنة سيداو CEDAW COMMITEE، تتلقى التقارير من الحكومات بشكل دوري، وتعلق على تلك التقارير، بحيث توجه الحكومات وتتابعها باتجاه المزيد من التطبيق.
ولا تحترم تلك الوثائق ثقافات الشعوب ومرجعياتها الدينية المختلفة، وأعرافها وتقاليدها، وتعمل على فرض نمط ثقافي (أوحد) عليها، ولتمريرها تمارس الأمم المتحدة ضغوطا شديدة على الحكومات للتوقيع عليها، منها ربط المساعدات بالتوقيع والتصديق والتطبيق.
ومن خلال تلك الوثائق، تنفذ هيئة الأمم المتحدة إلى أدق خصوصيات الحياة الأسرية، حتى أنها لتتدخل في العلاقة شديدة الخصوصية بين الزوج وزوجته، وبين الأب وأبنائه بدعوى حماية المرأة والفتاة من العنف!

في الوقت الذي تطالب فيه وثيقة «سيداو» بتقديم خدمات الصحة الجنسية والإنجابية للفتيات، تصر على اعتبار «الزواج المبكر» (أي تحت 18 عامًا) عنف ضد الفتيات.. فما هذا التناقض، أن يسمح بممارسة العلاقة الجنسية في سن المراهقة، ثم يجرم الزواج الشرعي في السن نفسه؟!
فقد طالب البند (B/qq) بـ: «استعراض، سن وإنفاذ القوانين والأنظمة المتعلقة بالحد الأدنى للسن القانونية للموافقة والحد الأدنى لسن الزواج، ورفع الحد الأدنى لسن الزواج عند الاقتضاء، وتوليد الدعم الاجتماعي من أجل إنفاذ هذه القوانين ووضع حد لتزويج الأطفال، والزواج المبكر والقسري».
وطالب البند بتحديد «السن القانونية للموافقة»، تعني السن التي تستقل فيها الفتاة بقرارها بما فيها ممارسة العلاقة الجنسية بدون أن تقع تحت طائلة القانون. وفي المقابل يطالب البند باعتبار زواج الفتاة تحت سن (18) هو زواج أطفال، وعنف ضد الفتيات! وتتراوح السن القانونية للموافقة لدى معظم الدول ما بين 16-18 عام. فهل الزواج الشرعي تحت 18 سنة «عنف»، أما العلاقة الجنسية مع أجنبي تحت 18 سنة: حقوق إنسان؟!
والتعميم يعد من أخطر المشكلات الواضحة في الوثيقة، فمطالبة الوثيقة مثلاً في البند (A/r) بـ«التصدي للعنف ضد النساء والفتيات الناجم عن الجريمة المنظمة عبر الحدود، بما في ذلك الاتجار بالأشخاص..»، وتكرار نفس المضمون في البند(A/s) و (A/t)، في حين أن الاتجار بالأشخاص، مصطلح عام، يمكن أن يُدمج فيه زواج المرأة تحت سن الـ18، وقد عاينَّا تداعيات ذلك المصطلح وتطبيقاته على المستويات المحلية، وذلك عند محاولة البعض إدماج نفس المصطلح في الدساتير؛ ليتم من خلالها تجريم زواج الفتيات تحت سن 18 واعتباره اتجارًا في البشر.. لذا لابد من تحرير وتحديد تلك المصطلحات.
وعن المطالبة بإدماج الفتاة «الحامل»، سواء متزوجة أو عزباء في الفصول الدراسية مع باقي الفتيات، فقد ورد في البند (B/rr): «ضمان توفير بدائل قابلة للتطبيق، والدعم المؤسسي، بالنسبة للفتيات المتزوجات بالفعل و/أو الحوامل وفرص التعليم وخاصة مع التركيز على إبقاء الفتيات في المدارس من خلال مرحلة ما بعد التعليم الابتدائي، وتعزيز استقواء (تمكين) الفتيات من خلال تحسين جودة التعليم وضمان ظروف آمنة وصحية في المدارس، وأن يشاركن في التعليم بأنفسهن، بما في ذلك من خلال إنشاء مرافق سكنية آمنة ورعاية الأطفال، وزيادة الحوافز المالية للنساء وأسرهن عند الاقتضاء».
في هذا البند ملحوظتان:
• التلاعب بالكلمات، من خلال (و/أو)، ولنفصل العبارتين فتصبح العبارة الأولى: «بالنسبة للفتيات اللاتي تزوجن وحملن»، والعبارة الثانية: «بالنسبة للفتيات اللاتي تزوجن أو الحوامل».
• لو أن المقصود هو الفتيات المتزوجات فقط، وليس الحوامل من سفاح، فالمتزوجة لا تحتاج أن يؤسسوا لها مرافق سكنية آمنة.. فلديها زوج قد وفر لها السكن والأمان.. وإنما ما طالب به البند من توفير «المرافق السكنية الآمنة ورعاية الأطفال وزيادة الحوافز للنساء وأسرهن» فهي لمن أقمن علاقات جنسية بدون زواج، وأنجبن أطفالاً من سفاح، وغادرن منزل الأسرة خوفا من عقوبة الأهل.
ثم ماذا عن باقي الفتيات، اللواتي يحافظن على عفتهن.. ألا يعتبر إدماج الفتيات الزانيات والحوامل والأمهات العزباوات خطر عليهن؟ ألا يعد ذلك عنفًا أخلاقيًّا ضدهن؟
ولضمان ألا تحمل المراهقة التي تزني، جاء البند (B/ss) مطالبًا بـ: «ضمان وصول المراهقين إلى خدمات وبرامج لمنع الحمل المبكر والأمراض المنقولة عن طريق الاتصال الجنسي وفيروس نقص المناعة البشرية، وضمان السلامة الشخصية..».
ثم البند (C/iii) الذي نص على: «معالجة جميع الآثار الصحية بما في ذلك الآثار الصحية البدنية والعقلية والجنسية والإنجابية، للعنف ضد النساء والفتيات من خلال توفير الوصول لخدمات الرعاية الصحية التي تستجيب للصدمات وتشمل الأدوية بأسعار معقولة وآمنة وفعالة وذات نوعية جيدة، وخط الدعم الأول، والعلاج من الإصابات النفسية والاجتماعية والعقلية والدعم الصحي، ووسائل منع الحمل في حالات الطوارئ، والإجهاض الآمن حيثما يسمح القانون الوطني بهذه الخدمات، وتشخيص ما بعد التعرض لفيروس نقص المناعة البشرية، والعلاج من عدوى الأمراض المنقولة جنسيًّا، وتدريب المهنيين الطبيين لتحديد فعالية وعلاج النساء اللواتي يتعرضن للعنف، وكذلك فحوص الطب الشرعي من قبل الفنيين المدربين بشكل مناسب.
ونلحظ تكرار المطالبة بتقديم خدمات الصحة الجنسية والإنجابية أثناء المطالبة برفع العنف عن النساء و«الفتيات»، كعلاج وقائي للعنف!! فما هي العلاقة بين توفير وسائل منع الحمل في حالات الطوارئ (والتي تشمل حبوب تؤخذ بعد الممارسة الجنسية مباشرة لمنع الحمل)، وإباحة الإجهاض وبين العنف؟! ما علاقة العنف (بالمفهوم المتعارف عليه بين عموم البشر) وتلك المطالبات؟
كل ذلك في مقابل المطالبة بـ «القضاء على.. الزواج المبكر والقسري» وفقًا للبند (B/tt)، والزواج المبكر غير الزواج القسري، بل هو زواج شرعي تحت الثامنة عشر.. أي أن الزواج الشرعي تحت الثامنة عشر يعد «عنفًا»؟! في حين تطالب الوثيقة بتحديد «سن للموافقة» لتمارس الفتاة العلاقة بدون زواج وفي حماية القانون!! (رؤية نقدية لوثيقة CEDAW؛ اللجنة الإسلامية العالمية للمرأة والطفل).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *