يبذل العلمانيون كلَّ ما في وسعهم لمحاربة الحجاب والنقاب الشرعي عن طريق المكر والتدليس والتلبيس، ومن ذلك محاولاتهم اليائسة للربط بين النقاب وبين أفغانستان وطالبان.
فكل من عرف الإسلام يعلم أن النقاب تشريع رباني عَمِلَ به نساءُ النبي صلى الله عليه وسلم؛ ونساء الصحابة الكرام؛ وبقي سُنَّة بعدهم، توارثتها الأجيال جيلا بعد جيل، في كل بقاع العالم الإسلامي بدون استثناء، على اختلاف مذاهبها الفقهية، وعلى اختلاف عادات أهلها وتقاليدهم في اللباس، ولم يكشف النساء الوجوه إلا في القرن العشرين بعد تعرض بلاد الإسلام للاحتلال الأجنبي، الذي بدأ مشروع كشف نساء المسلمين وتجريدهن من لباس الحياء، وترك مهمة إكمال هذا المشروع الآثم لِوُكَلاَئِه العلمانيين، ففعلوا ما عجز عنه المحتل من الفساد. وما زالوا إلى هذه الساعة يصدون الناس عن سبيل الله، مستعينين بالدعم الأجنبي، وبالسيطرة على وسائل الإعلام بأنواعها.
ومن صدهم عن سبيل الله: وَصْفُهُم للنقاب الشرعي باللباس الأفغاني، مرتكبين بذلك عدة مغالطات منها:
1- تصوير النقاب وكأنه شيء دخيل على البلاد غير أصيل في العباد، ليوهموا الأغرار وصغار الأسنان، ممن لم يدرك الآباء والأجداد، أن المغاربة لم يعرفوا النقاب إلا بعد مجيء طالبان، مُتَعَامِين عن الحقيقة التي يثبتها التاريخ بالوثائق والصور، ويرويها شهود العيان: أن نساء المغرب كُنَّ جميعا وبدون استثناء منتقبات.
2- ربطهم النقاب بطالبان التي أدرجتها الدول الغربية في لائحة الإرهاب؛ وذلك للتنفير من هذا اللباس الشرعي، وربطه ببعض الأعمال التخريبية الإرهابية، التي ثبت تورط أعداء الإسلام فيها.
فنقول جوابا على هذا التلبيس:
• أولا: طالبان ما سمع بهم الناس إلا بعد خروج السوفيات من أفغانستان، والنقاب عرفه المغاربة قبل أن يولد طالبان.
• ثانيا: الحجاب الذي يلبسه الأفغانيات المسلمات لا وجود له في المغرب بصفته الكاملة، وقد رآه الناس جميعا عبر وسائل الإعلام، فالمرجو مراجعة الصور واكتشاف الفروق السبعين.
• ثالثا: النبي صلى الله عليه وسلم ولد في مكة وهاجر إلى المدينة، ومن المدينة خرج الإسلام والحجاب والنقاب، ولم يولد صلى الله عليه وسلم في تورا بورا، ولا هاجر إلى قندهار.
• رابعا: أفغانستان ليست لها حدود مع المغرب، ولا هي من دول المغرب العربي، ولا من دول شمال إفريقيا، حتى تُهَرِّب لنا ثقافتها كما تُهَرَّب السلع المحظورة عبر الحدود، كما أنها دولة فقيرة ليس لها إعلام ولا وسائل لتصدر تقاليدها في إطار العولمة الحديثة.
فالمرجو من الذين منحوا النقابَ الجنسيةَ الأفغانية أن يراجعوا دروس التاريخ والجغرافية/ مقرر المرحلة الابتدائية.
– فإن قالوا: لقد ظهرت في الشارع أنواع من الحجاب والنقاب مخالفة للنقاب المغربي الذي كان يلبسه أمهتنا وجداتنا، وهو حجاب مستورد من بعض البلاد الإسلامية الأخرى.
* قلنا: وأيُّ عيب في ذلك إذا كان اللباس شرعيا؟! أليس المسلمون أمة واحدة، كما قال تعالى: “وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ” [المؤمنون: 52].
– فإن قالوا: هذا يهدد الخصوصية المغربية في اللباس.
* قلنا: واللباس المستورد من الغرب وأمريكا والكيان الصهيوني، ألا يهدد الخصوصية المغربية في اللباس والأخلاق والعقيدة؟!
أم إنه يُستثنى من القاعدة، لما يتمتع به من قدرة هائلة على نشر الفساد في البلاد والعباد؟!
وما سر هذا الانفتاح الكامل على الحضارة الغربية والانغلاق الخانق على الحضارة الإسلامية؟!
أليس في هذا تكريسا للتبعية، ومسخا للخصوصية الدينة؟!
وأيهما أولى: الحفاظ على الخصوصية العرفية أم الحفاظ على الخصوصية الدينية؟!
* ثم إنا نقول لكم: أرأيتم لو أن امرأة اختارت أن تلبس لباسا متبرجا مستوردا من أفغانستان (سروال أفغاني وقميص أفغاني إلى الركبة) أكنتم تعارضونه بدعوى الحفاظ على الخصوصية المغربية، أم إنكم ستعتبرونه اختيارا وذوقا شخصيا وحرية فردية؟!
فإن قلتم سنعارضه فقد ناقضتم أصول نِحلتكم.
وإن قلتم لن نعارضه افتضحتم وعرف الناس جميعا أنكم تحاربون الستر والعفة والحياء بذريعة الحفاظ على الخصوصية.
وأخيرا نقول لكم: تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم: أن ندعو نساءنا ونساءكم، وبناتنا وبناتكم إلى اللباس المغربي الأصيل، ثم نحرق كل لباس شرقي وغربي دخيل.
فإن قبلتم عَرفنا صِدْقَكم وحرصكم على خصوصيات بلادكم، وإن أبيتم انكشف تلبيسكم وعرف الناس أنَّ هدفكم هو محاربة الحجاب، وصَدُّ المسلمين عن دين رب العباد. ولكن هيهات هيهات!