شكل زلزال الحوز الذي ضرب أقاليم الأطلس الكبير الجمعة 8 شتنبر الجاري، فرصة لتنمية هذه الأقاليم وإعمارها. لكن إعادة الإعمار بقدر ما تضمنت مشاريع تنموية هامة بقدر ما تواجه تحديات صعبة.
وأعلن المغرب عن خطة بقيمة 120 مليار درهم، يراد منها إعادة الإعمار وتعزيز التنمية الاجتماعية والاقتصادية في المناطق المتضررة من الزلزال الذي ضرب المملكة.
ويستهدف برنامج إعادة البناء والتأهيل العام للمناطق المتضررة من زلزال الحوز، ساكنة تبلغ 4.2 ملايين نسمة في 4 أقاليم، متمثلة في مراكش والحوز وتارودانت وأزيلال وشيشاوة. وهو البرنامج الذي يمتد 5 أعوام يرمي، من جهة، إلى إعادة بناء المساكن وتأهيل البنى التحتية المتضررة، ومن جهة أخرى، تعزيز التنمية الاجتماعية والاقتصادية في المناطق المستهدفة. حيث حددت محاور البرنامج في إعادة إيواء السكان المتضررين، إعادة بناء المساكن وإعادة تأهيل البنية التحتية، وفك العزلة وتأهيل المجالات الترابية، وتسريع احتواء العجز الاجتماعي، خاصة في المناطق الجبلية المتأثرة بالزلزال، وتشجيع الأنشطة الاقتصادية والشغل، وكذا تثمين المبادرات المحلية.
باشرت السلطات المحلية عملية الإحصاء الخاصة بسكان المباني المتضررة جراء زلزال الحوز، تفعيلا لخطة فورية لإيواء المتضررين وإعادة إعمار المناطق المنكوبة جراء الزلزال الذي ضرب أقاليم الحوز وتارودانت وشيشاوة ومراكش وورزازات، وقدّر عدد المباني المتضررة بنحو 50 ألف مسكن انهارت كليا أو جزئيا.
عملية الإحصاء من أجل إعادة الإعمار للمناطق المنكوبة، تشرف عليها وزارة الداخلية، بتعاون مع متدخلين من وزارة الإسكان، والسلطات المحلية، حيث شرعت لجان الإحصاء في عملها مباشرة بعد الانتهاء من عملية إيواء المتضررين من الزلزال، سواء في الخيام، أو الوحدات التي تم توزيعها من وزارة الداخلية أو الوقاية المدنية أو المكتب الشريف للفوسفاط أو المانحين الخواص.
لجان الإحصاء التي باشرت عملها، تتجول منطقة بمنطقة، حيا بحي، ثم بعد ذلك دوارا بدوار، رفقة أعوان السلطة المعنيين في المنطقة (شيوخ أو ومقدمين)، ومسؤول في السلطة المحلية، على اعتبار أنهم هم الأدرى بتفاصيل سكان المنطقة، والمنازل المعنية، حيث إن هذه اللجان المختلطة تضم أيضا تقنيا من وزارة الإسكان والتعمير، وتعمل هذه اللجنة على إنجاز تقريرها بعد كل عملية إحصاء، على أن تجتمع اللجنة بشكل يومي بعد نهاية عملها، وترسل التقارير إلى مقر العمالة، وفيها يتم الفرز والتدقيق والتجميع الكلي للمعطيات، في الوقت الذي تبقى محاضر اللجنة متوافقا بشأنها، ويتم التوقيع على هذه المحاضر من طرف جميع الأعضاء.
من أبرز التحديات التي تواجهها خطة إعادة الإعمار، هي تحديات إحصاء المتضررين. قبل الحديث عن المعيقات، وجب التأكيد على أن عملية الإحصاء هذه ما زالت في انطلاقتها، وعلى سبيل المثال في أمزميز يتم بشكل يومي إحصاء ما بين 60 و70 منزلا، وهو ما يعني أنه من المبكر الحديث عن صعوبات، باستثناء ما يمكن أن يثيره موضوع «الكراء» من نقاشات داخل اللجنة، حيث إن التوجه هل سيتم إحصاء البيت بمعطيات المكري الذي فقد سكنه بانهيار ذلك البيت، أم بمعطيات صاحب البيت الذي قد يكون قاطنا في مدينة أخرى وغير معني بالسكن، لكنه فقد منزله؟ وقد كان الموضوع محط جدل من طرف اللجنة. زيادة على النقاش المثار بخصوص بعض الأملاك والمنازل المشتركة، إذ إن كل أسرة تقدم نفسها على أنها صاحبة الحق، علما أن الجميع متضرر، دون إغفال إكراه الزمن الذي يواجه اللجنة بضرورة التعجيل والتدقيق في العملية، ونحن على مشارف فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة والتي تبلغ مستويات قياسية، فبات مطلب السكن المطلب الأول للعائلات المتضررة التي تقبع في الخيام، دون أن أنسى إكراها آخر وهو المتعلق بصعوبة الولوج إلى عدد من الدواوير، وصعوبة التدقيق في حالة عدد من البيوت بولوج اللجنة إليها، على اعتبار أنها مهددة بالانهيار في أي لحظة.
لابد من الحديث كذلك عن الأوراش التي باشرتها مصالح وزارة التجهيز في فتح الطرق والمسالك وفك العزلة على المناطق المتضررة بالزلزال. أيضا جهود وزارة الفلاحة لتعويض الفلاحين عن المواشي التي هلكت بسبب الزلزال.
ناهيك عن عملية “إعادة الإعمار القانوني” لاستعادة الوثائق الثبوتية للمتضررين، حيث عقد وزير العدل، لقاء تأطيريا للمساعدين الاجتماعيين المكلفين بمساعدة المتضررين من الزلزال الذي ضرب عددا من مناطق المملكة، بجماعة تمالوكت بإقليم تارودانت، لمواصلة عملية “الإعمار القانوني” للأسر التي فقدت وثائقها الثبوتية. وبدأت مجموعة المساعدة الاجتماعية، يوم الجمعة، عملها لاستخلاص الوثائق التي ضاعت تحت الردم كعقود الزواج والبطائق التعريفية والحالة المدنية وعقود الملكية.