الماء مخلوق من المخلوقات العجيبة التي خلقها الخالق العظيم جل جلاله
وقد سخره الرب الكريم سبحانه للإنسان، وجعل له فيه مآرب كثيرة.
ـ يروي به ظمأه ويُذهب به عطشه: قال الخالق جل وعلا: “وأسقيناكم ماء فراتا” [المرسلات27]، أي: عذبا زلالا. وقال سبحانه: “هو الذي أنزل من السماء ماء لكم منه شراب و منه شجر فيه تُسيمون” [النحل10].
ـ ويكون به طعامه وعيشه: فكل ما يطعمه الإنسان من أصناف الأطعمة، يتوقف وجودها على الماء. قال ربنا الكريم جل شأنه: “وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم” [البقرة22]، وقال: “ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فأخرجنا به ثمرات مختلفا ألوانها” [فاطر27].
ـ ويتطهر ويزيل به الأوساخ والنجاسات: قال عز من قائل: “وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به” [الأنفال11]، وقال: “وأنزلنا من السماء ماء طهورا” [الفرقان48].
ـ وهو أيضا مطهر للمسلم من الذنوب والمعاصي: إذا استعمله تعبدا لله تعالى بوضوء أو غسل وفق ما علمنا رسول الله صلى الله عليه و سلم.
ـ فعن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال: “إذا توضأ العبد فمضمض، خرجت الخطايا من فيه، فإذا استنثر خرجت الخطايا من أنفه، فإذا غسل وجهه خرجت الخطايا من وجهه حتى تخرج من تحت أشفار عينيه، فإذا غسل يديه خرجت الخطايا من يديه، حتى تخرج من تحت أظافر يديه، إذا مسح برأسه خرجت الخطايا من رأسه، حتى تخرج من أذنيه، فإذا غسل رجليه خرجت الخطايا من رجليه، حتى تخرج من تحت أظافر رجليه، ثم كان مشيُه إلى المسجد وصلاتُه نافلة” [سنن النسائي103، وسنن ابن ماجة282].
ـ وكان عليه الصلاة والسلام يقول في دعاء الاستفتاح في الصلاة بعد تكبيرة الإحرام: “اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطاياي كما يُنقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالثلج والماء والبرد” [البخاري744، ومسلم598].
الماء شريان الحياة
وقبل هذا كله فإن الماء هو شريان الحياة، فإذا انقطع هذا الشريان أو أصابه خلل؛ تعذرت حياة الكائنات فوق الأرض، من نبات وشجر وحيوان وإنسان وغيرها…
فالماء حياة وحركة وانتعاش ونمو وازدهار؛ فإذا انعدم حل الموت والجمود والدمار..
فلنتدبر هذه الآيات البينات من كتاب رب الأرض والسماوات:
ـ قال تعالى: “وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يومنون” [الأنبياء30]. وقال سبحانه: “وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الارض بعد موتها” [البقرة164]، وقال: “والذي نزل من السماء ماء بقدر فأنشرنا به بلة ميتا” [الزخرف11]، وقال: “وترى الأرض هامدة، فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج” [الحج5 ].
الماء هو المركز الذي تدور حوله كل أشكال الحياة
فإن كل الكائنات الحية فوق الأرض تجري وراء الماء بحثا عنه وعن مواطنه، وحيثما وجدته استقرت بجانبه:
ـ نرى عبر الأفلام الوثائقية هجرات رهيبة للحيوانات؛ حيث تقطع أميالا عديدة، وتتعرض لمخاطر الافتراس من حيوانات أخرى أقوى منها، كل ذلك بحثا عن الماء الذي لم تجده في مواطنها، أو قل أو انعدم بعد الوجود.. نرى هجرات الطيور..
ـ وحتى الإنسان منذ القدم وإلى الآن يهاجر وينتقل من بلدة إلى أخرى
حتى يعثر على منابع الماء فيستوطن بقربها…
ـ وهكذا تكونت قرى وتجمعات بشرية وقبائل ومدائن وحضارات عظيمة حول منابع الماء وأنهاره وبحاره، فنجد حضارات حول النيل وحضارات حول دجلة وحضارات حول الفرات وحضارة عظيمة حول زمزم، وإلى الآن لا يزال الرعاة الرحل يرحلون بمواشيهم وبهائمهم من منطقة إلى أخرى، ولا يستقرون إلا حيث الماء والكلأ.
الماء إذن هو المطلب الأساس لكل الكائنات الحية. وحوله وفي مواطنه تحدث مختلف التفاعلات الحياتية… سواء كانت إيجابية أو كانت سلبية.. بل وحتى الجمادات وبعض الأشياء التي يصنعها الإنسان لا تؤدي وظيفتها بدون ماء: فالسيارات وغيرها من وسائر النقل تتطلب الماء، والبواخر لا تجري إلا على الماء.
وللبحث بقية..