مادة التربية الإسلامية المتهمة بريئة ذ. أحمد اللويزة

لم تزل مادة التربية الإسلامية تتعرض لسياط النقد من كل من هب ودب، ولا أتحدث عن المختصين الذين ينتقدون النقد البناء الذي يروم الدفع بالمادة نحو الرقي والتحسن. وإنما المقصود أولئك الذين يحملون في قلوبهم حقدا وغلا للإسلام فلا يتركون مجالا تظهر فيه بعض معالم الإسلام إلا وهاجموه تحت مسمى النقد والتحليل.
والمادة هي إحدى الجهات التي توجه إليها سهام النقد الهدام وتلصق بها من التهم ما هي منه براء عقلا وشرعا وواقعا، والواقع خير شاهد. ومن آخر ما قرأت عن أحدهم مقالا بدأه بقوله (أنه غير مختص في التربية والتعليم) لكن سمحت له نفسه أن يتكلم عن المادة اتهاما وقدحا وتبخيسا وتبكيتا بدون حياء، وبوقاحة هائجة جعلته يصف رجال التعليم بالدواعش الذين تعج بهم المؤسسات المغربية.
مع أن كثيرا ممن وصفهم بذلك أبعد ما يكون حتى عن المواظبة على أقل شعائر الدين وأوجبه، أو القدرة على ترك الحرام من خمر وربا وتدخين وتبرج وهلم جرا. ولكن الحقد الأعمى والرغبة في الإيقاع بالمادة في شراك التلبس بالدعشنة والتي اكتشف أمرها وتبعيتها للغرب الذي يدافع عنهم صاحب المقال بحرقة أكثر من دفاعهم عن أنفسهم.
ما دمت هذه التهمة تثير الحفيظة وتجعل المتهم تحت نيران الحاقدين حتى يتم الإجهاز على هذه المادة نهائيا من البرنامج التعليمي لأنها تشكل لهم أرقا وتحرجهم مع أسيادهم الذين سخروهم لمحاربة الهوية والقيم في هذا البلد وسائر بلاد الإسلام.
والغريب في الأمر ورغم كل هذه الحرب المعلنة ضد المادة فهي في أعين الصادقين لا زالت قاصرة عن أداء ما أنيط بها من عمل على ترسيخ القيم الإسلامية والمعرفة الشرعية، التي تحافظ على كيان أبناء الوطن من الانسلاخ والتيه في ظلمات الأفكار المنحرفة والشاذة التي يعج بها العالم، والتي تقربها وسائل الإعلام لكل بعيد وتهدد الناشئة بشكل كبير.
ومعاناة أساتذة المادة مع جهل الناشئة بأبسط أمور الدين وما يصدر منهم من أخلاق منافية لكل ما درسوه أو يدرسونه لأمر محز للغاية، وكأن الجهود كلها تذهب هباء منثورا.
وأبعد من هذا لم يزل بنو علمان عندنا متربصين بالمادة حتى استطاعوا أن يصرفوا كثيرا من قناعتهم بين ثنايا معارف المادة خصوصا ما يتعلق بالمرأة والطفل، وصار اليوم البحث عن صورة لفتاة محجبة داخل مقررات التربية الإسلامية لاسيما الموجهة إلى تلاميذ التعليم الأولي والابتدائي شبه مستحيل.
فهؤلاء لم يكفهم هذا الذي حققوه، ولم يكفهم تهميش المادة وحشرها في زاوية ضيقة؛ لا على مستوى الزمن المقرر لها، أو على مستوى المعامل الخاص بها، أو أهميتها داخل منظومة التقييم والامتحانات الإشهادية.
فماذا يريد هؤلاء من هذه المادة؟
وما المعلومات التي يريدون تصريفها من خلالها؟
هل يردون أن يكتبوا على ظهر مواثيق الأمم المتحدة اسم التربية الإسلامية ويقدموها للناشئة على أنها الإسلام؟
أم يردون زوالها من المنهاج التعليمي ككل؟
ربما يأتي يوم كهذا لا قدر الله.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *