سلسلة شرح أسماء الله الحسنى اسم الله تعالى البصير ناصر عبد الغفور

9-  الله بصير بأحوال خلقه:

من معاني البصير أنه سبحانه ذو البصيرة بالأشياء الخبير بها، فهو جل في علاه بصير بأحوال خلقه خبير بهم، لا يعزب عنه شيء من أعمالهم وأمورهم:

أ- فهو سبحانه يعلم من استحق الهداية فيوفقه لها ويعلم من استحق الغواية والضلالة فيكله إلى نفسه، قال تعالى: “إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ” أي: هو بصير بهم، فيهدي من يستحق الهداية، ويضل من يستحق الإضلال، وله الحجة البالغة، والحكمة التامة، والقدر النافذ”([1]). وهو سبحانه: “عالم بأمور عباده، ومن المطيع منهم، والعاصي له، والمستحق جميل الثواب، والمستوجب سيئ العقاب.”([2]).

وإنما قال مؤمن آل فرعون هذه الكلمة: “إن الله بَصيرٌ بالعِبَادِ” معللاً تفويض أمره معهم إلى الله بأن الله عليم بأحوال جميع العباد فعموم العباد شَمِله وشمل خصومَهُ .”([3])، والبصير: المطلع الذي لا يخفى عليه الأمر([4]).

ب- كما أنه سبحانه بصير بعباده خبير بأحوالهم عليم بما يصلحهم، فيعلم من لا يصلحه إلا الغنى فيغنيه ويعلم من لا يصلحه إلا الفقر فيفقره، فمن العباد من إذا افتقر كفر ومنهم من إذا اغتنى كفر، ولبصره سبحانه وخبرته بأحوال عباده فإنه سبحانه يعطي كل أحد ما يصلحه، يقول الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى: “فإن من عباده من لا يصلحه إلا الفقر ولو أغناه لأفسده ذلك ومنهم من لا يصلحه إلا الغنى ولو أفقره لأفسده ذلك…”([5]).

وفي بعض الآثار: “إن من عبادي من لا يصلح إيمانه إلا الغنى، ولو أفقرته لأفسده ذلك، وإن من عبادي من لا يصلح إيمانه إلا الفقر، ولو أغنيته لأفسده ذلك، وإن من عبادي من لا يصلح إيمانه إلا الصحة، ولو أمرضته لأفسده ذلك، وإن من عبادي من لا يصلح إيمانه إلا المرض ولو عافيته لأفسده ذلك، إني أدبر أمر عبادي بعلمي بما في قلوبهم، إني خبير بصير”([6]).

قال تعالى: “وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ” -الشورى:27-.

ج- كما أنه تعالى بصير بأصناف عباده: فيعلم الصالح من الطالح، البار من الفاجر، التقي من الشقي، فيجازي كلا بحسبه قال تعالى: “هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ” -التغابن:2-، وقال تعالى: “إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا” -الإسراء:96-.

د- ويعلم كسب عباده وأعمالهم وما لهم من حسنات وما عليهم من ذنوب وسيئات، كما قال تعالى: “وَكَفَى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا” -الإسراء:17- “أي: هو عالم بجميع أعمالهم، خيرها وشرها، لا يخفى عليه منها خافية سبحانه وتعالى”([7]).

——————————————–

([1] ) تفسير القرآن العظيم:7/146.
([2] ) جامع البيان في تأويل آي القرآن:21/394.

([3] ) التحرير والتنوير:24/157.
) نفسه.[4] (
([5] ) مدارج السالكين: 2/150.
([6] )  رواه الإمام الغوي في شرح السنة وكذا ابن أبي الدنيا في كتاب الأولياء، وذكره بعض أهل التفسير كالإمام السعدي، لكنه حديث ضعيف، فقد ذكره الإمام ابن الجوزي في  العلل المتناهية في الأحاديث الواهية.
([7] ) تفسير القرآن العظيم: 5/62.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *