مع توالي الأحداث وشدة الطغيان الذي برزت فيه القوة الإيرانية الرافضية المجوسية بتحالف مع قوى عالمية صليبية يهودية علمانية وما أعملوه في سوريا وقبلها العراق وأفغانستان… ينبري شباب وكهول يعاتبون العلماء ويعتبون عليهم تخاذلهم وسكوتهم عما يحصل للأمة، العلماء بإجماع ودون تمييز، هكذا يرون الأمور، وبهذا سولت لهم أنفسهم.
وهكذا يصير العلماء متهمون بالسكوت المتواطئ، وهكذا يصبح العلماء هم الجدار السميك الذي تحتمي به الجماهير من الطغيان. إذ مناداتهم في هذا الوقت شعور داخلي واعتراف ضمني لمكانة العلماء وأهميتهم في تغيير مجرى التاريخ، وقوة التأثير في الوقائع والأحداث.
لكن للأسف لقد حصل هذا بعد فوات الأوان؟
لقد عمل الاستعمار وأذنابه بعد خروجه على إسقاط كلمة العلماء وتواريهم عن واقع الحياة والتدخل فيها، حتى لم يعد لهم ركزا ولا همسا في قضايا المجتمعات والأمة عموما. وإن كانت من كلمة في قضية من القضايا تبقى صيحة في واد دون تأثير إلا فيما نذر.
واليوم يعود الكلام عن دور العلماء بعد توالي المحن وكأن لهم الكلمة الفصل في الأمر، سيما بعد محنة الشام وما وقع في حلب الأسبوع الفارط. وهنا لا بد من كلمة حق لله ثم للتاريخ.
منذ عقود كان علماء السنة من السلفيين يحذرون من الشيعة الروافض المجوس، وكانوا يصرخون بأعلى أصواتهم مبينين أنهم أخطر من اليهود والنصارى وكل ملل الكفر.
حينها كان كثير من الشباب المتحمس وخاصة الشباب الحركي سكرانا بخطب حسن نصر اللات زعيم حزب الشيطان اللبناني، وخطب رفسنجاني وأحمدي نجاد ودولة الخميني والجمهورية الإسلامية المزعومة بينما هي مجوسية رافضية.
كان هناك سجال حاد بين فصيلين من أبناء الصحوة الإسلامية حتى كان بعضهم يتهم علماء السنة بالعمالة والتواطئ مع الشيطان الأكبر والتحامل على محور الممانعة… (ولا ننسى ما تعرض له الشيخ ابن جبرين رحمه الله حين أبدى رأيه في مناصرة حزب اللات إبان العدوان على لبنان 2006).
قد كان تحذير العلماء قبل أن يظهر من الشيعة عشر ما ظهر منهم اليوم. وقد تحقق ما كان يحذرون منه وأشد. إذ لم يسمع منهم أحد، ولم يعتبر بقولهم أحد -إلا من رحم الله- رغم كل الأدلة الشرعية والتاريخية والواقعية.
للأسف الشديد بعد هذا الذي وقع يعاد نفس الاتهام لمن كانوا يحذرون من إيران وأذنابها وأنها شوكة في خاصرة الأمة.
نعم يتهمون بنفس التهم حتى وإن أقر الدكتور القرضاوي زعيم التقريب آنذاك بخطأ تصوره ومن معه، وأن العلماء السلفيين كانوا أعقل وأصوب.
بل إن قائمة الاتهام تتسع ولا حول ولا قوة إلا بالله. لو أخذنا كلام العلماء آنذاك على محمل الجد ما كان ما كان، ولكن كان ذلك في الكتاب مسطورا.