دعاء الله تعالى باسمه البصير:
للعبد -كما مر- ثلاثة أنواع من الأدعية في باب الأسماء: دعاء مسألة ودعاء عبادة ودعاء ثناء، وقد أمرنا الله تعالى بدعائه بأسمائه الحسنى فقال جل وعلا: “ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها” الأعراف:180، والدعاء بها يتناول دعاء المسألة ودعاء الثناء ودعاء التعبد “وهو سبحانه يدعو عباده إلى أن يعرفوه بأسمائه وصفاته ويثنوا عليه بها ويأخذوا بحظهم من عبوديتها..”[1].
أ- سؤال الله تعالى باسمه البصير:
وهو أن نتوسل إليه جل في علاه باسمه البصير، فالتوسل بأسماء الله تعالى وصفاته من أعظم أنواع التوسل المشروع([2]) الذي يحبه الله تعالى ويرضاه بل قد أمر به، كما في الآية السابقة. ومن ذلك أن يقول الداعي: “اللهم يا بصير بحالي فرج همي واحلل كربتي واقض حاجتي”، “اللهم يا بصير بالعباد، يا من ترى ما يفعله الطغاة من ظلم واعتداء بكل أشكاله وأنواعه، اللهم زلزل الأرض من تحت أقدامهم وشتت شملهم واجعلهم عبرة للمعتبر”، ونحو هذه الأدعية والتوسلات باسم الله البصير.
ب- الثناء على الله تعالى باسمه البصير: وهذا واضح، فالله تعالى أهل للثناء والحمد فهو الكامل في ذاته الكامل في صفاته الكامل في أفعاله، وهو يحب سبحانه أن نثني عليه بما هو أهل له.
ج- التعبد باسم الله البصير: من أعظم آثار الإيمان بأسماء الله تعالى أن يتعبد العبد ربه بها فذاك من أجل القربات وأفضل الطاعات بل هو أسها ولبها، يقول صاحب كتاب النصر والتمكين:
“إن التعبد لله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العليا من أسمى وأعظم العبادات التي يتعبد بها العبد لربه وخالقه ومولاه، ومن أشرفها وأحبها إلى الله تعالى، وذلك لأنها تتعلق بذات الله تعالى وأسمائه وصفاته،…وأما عن التعبد لله تعالى بهذه الأسماء الحسنى وتلك الصفات الحميدة فإنه مطلب عقدي إيماني، فإن جميع العبادات التي يتعبد بها العبد لربه سبحانه وتعالى ترجع إلى مقتضى الأسماء والصفات وأنها نابعة من علم العبد بأسماء الله وصفاته…”([3]).
————————————————————–
(1)- مدارج السالكين: 1/420. دار الكتاب العربي.
(2)- اختلف الناس في مسألة التوسل اختلافا كبيرا بين غال وجاف، ومفرط ومفرّط، بين مانع على الاطلاق ومجيز على الاطلاق، والحق الذي دلت عليه نصوص الكتاب والسنة أن التوسل مشروع لكن بأحد أمور ثلاث لا رابع لها:1- التوسل باسم من أسماء الله تعالى أو صفة من صفاته،2- التوسل بعمل صالح قام به الداعي أو الواسل،3- التوسل بدعاء رجل صالح. أما ما عدى هذه الأنواع الثلاثة فلا دليل عليها، ومما اختلف العلماء فيه، التوسل برسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد ذهب الإمام أحمد إلى جوازه، وتوسع الإمام الشوكاني فجوز التوسل بالأنبياء والصالحين، لكن كما قال الإمام مالك:” كل يؤخذ من قوله ويترك إلا صاحب هذا القبر”، يقصد رسول الله صلى الله عليه وسلم. وليس على جواز التسول بالنبي الكريم عليه من ربه أفضل الصلاة والتسليم سواء بذاته أو جاهه أي دليل. كما فصل القول في ذلك العلامة المحدث ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى في كتابه”ّالتوسل: أنواعه وأحكامه” ورد على كل الشبهات التي ترد في هذا الباب. فلينظر فإنه جد نافع.
(3) النصر والتمكين هبة العزيز الحكيم، سيد سعيد عبد الغني:12.