وسائل وأدوات نظام التعلم في القرآن الكريم:
هذه الوسائل الأساسية لخصها القرآن الكريم في آية جامعة مانعة حيث يقول الحق سبحانه فيها: }وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} (النحل، 78)
وهناك من تحدث عن وسائل العلم فقال: (وسائل العلم الحواس، الاستقراء، التحليل العقلي، والتلقي بالقلب، والرجوع إلى الله؛ وهو المرجع لجميع الحقائق، ومن وسائله كذلك العبادة والطاعة والاستقامة [واتقوا الله] وفي حديث قدسي (من عمل بما علم علمه الله علم مالم يعلم) فطاعة الله والسير على منهجه من وسائل النمو العلمي .
فالأفراد تتفاوت قدراتهم العقلية واستعداداتهم وميولهم وذكاؤهم… فقد نبه القرآن الكريم إلى ضرورة أخذ خصائص كلّ مرحلة من مراحل النمو في الاعتبار عند إعطاء الجرعات التعليمية والتربوية للأفراد، قال تعالى: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} البقرة/286.
رابعا: بعض خصائص التعلم في الكتاب:
• الثبات والمرونة:
أي أن هذه النظرية مأخوذة من مصدر ثابت؛ لا يقبل التحريف ولا التزييف ولا التبديل، لأنه ليس من كلام البشر، أما كلام البشر فيدخله التعديل بين الحين والآخر، يقول الله تعالى: {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون}الحجر، والقرآن مرن في الوقت ذاته لأنه يواكب المستجدات، وهو صالح لكل زمان ومكان.
• القصد في اللفظ والوفاء بحق المعنى.
فأبلغ البلغاء إذا حفل باللفظ أضر بالمعنى، وإذا حفل بالمعنى أضر باللفظ. نهايتان مَن حاول أن يجمع بينهما وقف منهما موقف الزوج بين ضرتين، لا يستطيع أن يعدل بينهما دون ميل إلى إحداهما. فالقرآن له قصد في اللفظ، مع الوفاء بحق المعنى وهذا الأمر لن يتأتى لمعلم مهما سما كعبه في العربية واستعمالاتها.
• إقناع العقل وإمتاع العاطفة:
في النفس قوتان، قوة تفكير وقوة وجدان. وحاجة كل واحدة منهما غير حاجة الأخرى. ولا تجد بليغاً يفي لك بحاجة القوتين في عبارة واحدة. ولكنك تجد ذلك في القرآن الحكيم. في أجمل صورة وأوضح بيان .
إذن ذلك هو نظام التعلم من خلال القرآن الكريم بصفة مختصرة وموجزة، وإلا فإن الموضوع في الحقيقة يحتاج إلى دراسة أعمق، وبحث مدقق، لكن كما يقال مالا يدرك كله لا يترك جله، ونحن في هذا حاولنا جاهدين قدر المستطاع أن نعطي لمحة مبسطة عن أهمية نظرية التعلم من حيث مبادئها وأساليبها وأدواتها ووسائها إضافة إلى بعض خصائصها ليظهر لنا بذلك أن موضوع التعلم موضوع جلل وجليل، فهو جلل من حيث مسؤوليته، وجليل من حيث مكانته، وليس من جهل كمن تعلم، فالفرق بينهما لا يوصف (قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون) لا وألف لا، والله ولي التوفيق.