من خلال هوايتهم المفضلة بامتياز، ها نحن نرى ونسمع ونقرأ عن طغاة العراق والشام وأحزابهم وهم يتفننون بأسلحتهم النوعية، ويتلذذون بل ويستمتعون في إبادة إنسانية شعب سني أعزل من لدن قطعان متوحشة بربرية فاقدة لمعاني الأخلاق والإنسانية، على مرأى من العالم كله، يقولون ما قاله الظالمون الأولون إما أن نحكمكم أو نبيدكم.
ومع ترسانتهم المتطورة غير أن عقولهم لم ترتق بعد إلى درجة أسلحتهم حيث قد خلت النذر من بين أ يديهم ومن خلفهم، ولكن ما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون.
يا أهلنا في الشام والعراق وبورما وغيرها…، لقد مرت أمتكم بأزمات وفتن، وابتليت بمصائب، فدفع الله
عنها ذلك، وحفظها من كل سوء، وبعث فيها الحياة من جديد عندما عادت إليه وصدقت في حمل دينه واتباع رسوله صلى الله عليه وسلم، وتأكدوا أنه مهما خطط بغاة البشر الذي قست قلوبهم، ومهما بلغ كيدهم ومكرهم، فإن الله من ورائهم محيط، ولا يكون إلا ما يريد، قال تعالى: (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ) الأنفال:30.
إنَّ للـظُّـلْمِ صولـةً ثـمَّ تمحى***ما عرَفـنا لظالـمٍ مِـنْ بـقـاءِ
غاظَهُم مشرق الهوَى وانتشارٌ***لضياءِ الإسلامِ في الأنْحاءِ
ما عليكم إلا أن تتفاءلوا بالخير مهما كانت الظروف، فسواد الليل يأتي بعده الصبح السافر، وإن البرق والرعد مهما كانت شدتهما وخاف الناس من سطوتهما وصوتهما فإنهما يأتيان محملين بالأمطار والخير.
إذا اشْتَمَلَتْ على اليأسِ القلوبُ***وضاقَ لما بهِ الصدرُ الرحيبُ
ولم تَرَ لانْكِشَافِ الضُّرِّ وَجْهـَاً***ولا أغنـى بحيلتـِه الأريـبُ
أتاك على قُنُـوطٍ منك غَـوْثٌ***يَمُـنُّ به اللطيفُ المسـتجيبُ
وكل الحـادثاتِ وإنْ تَنَـاهَتْ***فموصـولٌ بها الفرجِ القريب
وفي ختام مقالتي أسوق لكم هذا النموذج من حفظ الله ورعايته ونصره لعباده، فهذا موسى عليه السلام ومن آمن معه من بني إسرائيل وقد أتبعهم فرعون وجنوده حتى إذا أدركهم فرعون من خلفهم والبحر قبالتهم ولا منجى أمامهم قال اليائسون والمتشائمون: (إِنَّا لَمُدْرَكُونَ) الشعراء:61، فقال لهم نبي الله موسى عليه السلام في ثقة وتفاؤل ويقين وحسن ظن بربه :(قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ) الشعراء:62، فأمره الله سبحانه أن يضرب بعصاه البحر، فانفلق فرقتين، وكان كل فرق كالطود العظيم، ونجوا من طاغية زعم أنه إله فأهلكه الله الذي له الأمر من قبل ومن بعد.
وأنصح كذلك المتشائمين من عدم نشر مقولات التقنيط والتيئيس والإحباط مهما كانت الظروف والأحوال، قال تعالى: (وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللّهِ) يوسف:87، وقال أيضا: (وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّآلُّونَ) الحجر:56، وفي الحديث عَنْ أَبِي هريرة، أن رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:(إِذَا سَمِعْتَ الرَّجُلَ يَقُولُ: هَلَكَ النَّاسُ، فَهُوَ أَهْلَكُهُمْ)، وفي رواية: (إِذَا سَمِعتُمْ رَجُلاً يَقُولُ: قَدْ هَلَكَ النَّاسُ، فَهُوَ أَهْلَكُهُمْ، يَقُولُ اللهُ: إِنَّهُ هُوَ هَالِكٌ) أخرجه أحمد ومسلم والبخاري في الأدب المفرد.
وكان صلى الله عليه وسلم يقول لخباب رضي الله عنه في أوج الشدة التي يلقاها من المشركين: (والله ليُتِمَّنَّ اللهُ هذا الأمرَ، حتى يسيرَ الراكبُ من صنعاء إلى حضرموت ما يخاف إلا الله والذئب على غنمِه ولكنكم تستعجلون) رواه البخاري.
كُنْ بَلْسَمًا إِنْ صَارَ دَهْرُكَ أرْقَمَا***وَحَلاَوَةً إِنْ صَارَ غَيْرُكَ عَلْقَمًا