ويستمر طعن العلمانيين في الإسلام “الفتوحات الإسلامية لم تخلف إلا القلاقل والصراعات.. والنقاب أمر استفزازي يشوه معالم الحضارات” أبو أحمد ناصر عبد الغفور

“مثلث برمودا الفكري: نقاب، حجاب وجلباب”، هذا عنوان مقال نشرته جريدة “الأحداث المغربية” والمغرب منها براء، وهومن المقالات التي لا تجد الجريدة أدنى حرج في نشرها وبث سمومها بين أفراد أمة آمنت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا، أمة ظلت ولا زالت ولله الحمد، رغم ما أصابها من الفتور، متمسكة بدينها.
والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة: ما السر في ترك العلمانيين الأحقاد يطعنون في الإسلام وشعائره بكل هذه الوقاحة ودون أي رد فعل من الجهات المعنية؟
فهذه بلادنا أعزها الله، مليئة بالمجالس العلمية وتوجد بها رابطة للعلماء، ودينها الإسلام كما هو مسطر في دستورها..، فلما هذه اللامبالاة؟ وإلى متى سيظل الباب مفتوحا على مصراعيه لبني علمان يحاربون الإسلام حربا أعظم من حرب المستعمر الكافر؟
فلقد أصبحت وسائل الإعلام المغربية بشتى أنواعها- المرئية والمسموعة والمقروءة- سيفا قاطعا في يد العلمانيين يحاولون من خلالها قطع روابط المغاربة بشريعتهم.
فهذا علماني من علمانيي “الأحداث” يدلي بدلوه النتن هو الآخر للطعن في شعائر ديننا الحنيف، فيكتب مقالة عرضها يكفي عن ردها كما يقال.
“مثلث برمودا الفكري: نقاب، حجاب، وجلباب” انظر أخي القارئ إلى شناعة هذا العنوان، وما ينطوي تحته من تنفير واستهزاء بأمور باتت وأصبحت وأضحت من المسلمات في شريعتنا وجاءت الأدلة تثرى على مشروعيتها بل على وجوبها وأخص بالذكر”الحجاب”، أما النقاب فأمر مختلف فيه منذ عهد الصحابة رضوان الله عليهم.
العلمانيون والفتوحات الإسلامية
يفتتح صاحب المقالة وقد نشر في العدد 2843 ليوم الثلاثاء 14 نونبر 2006- بقوله: “لم يطأ العرب والمسلمون أرضا إلا وانتشرت فيها النزاعات والحروب والاقتتال، وفجروا فيها من المشاكل، والصراعات التي لا يمكن أن تحل بعمر الزمان، وأما الأراضي والمناطق التي فتحها، والتعبير الأدق أغلقها وقفلها المسلمون، صارت نكبة على أهلها…”
“كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلَّا كَذِباً” -الكهف-
لقد ود العلمانيون لو أن جميع المسلمين انسلخوا عن دينهم ونبذوا شريعة ربهم وراء ظهورهم وأقبلوا على الغرب يلهثون خلفه ويقتفون أثره.
فالغرب ظل وسيظل عند بني علمان القدوة الأسمى والنجم الساطع في الأفق، على كل من رام الحياة الحقيقية أن يقتدي به وينهل من معينه، أما الإسلام فليس من وراءه إلا الويلات والنكبات كما صرح بذلك صاحب المقال .
فكيف يعتقد إنسان سوي الفطرة أن الفتوحات الإسلامية لم ينتج عنها إلا القلاقل والنكبات؟
هل “مكة” التي فتحها رسول الله صلى الله عليه وسلم بفضل من الله ونعمة، كما قال تعالى ممتنا على خليله “إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً”، حَلت بها الصراعات والنزاعات، أم العكس؟
ففتح مكة كان نقلة عظمى، تحولت أم القرى بفضله من دار كفر وشرك وعبادة “اللات” و”مناة” إلى أرض إسلام وتوحيد وعبادة رب الأرض والسموات، كان أهلها يعيشون حياة أخس من حياة البهائم: وأد بنات وخمور وزنا وفجور…فصاروا بفضل هذا الفتح الأعظم يتنافسون في معالي الأمور.
ونفس الشيء بالنسبة لجميع الأقطار التي فتحها المسلمون، تحولت بفضل دخول الإسلام من أراضي طغيان وهوان إلى أراضي عزة وريادة وسلام، وليسأل العلمانيون أهل إسبانيا أي حضارة عرفت بلادهم في ظل الإسلام وأي عدل عاشوا تحت الحكم بشريعته، ولا ينبغي للعاقل أن يقيس الأمور بحالنا اليوم، فما هو إلا نتيجة ضعف إيماننا وتنكبنا صراط ربنا.
فكيف يعبر عن هذه الفتوحات بالإغلاق والقفل؟ لكن لا غرابة، فالعلمانيون لدين الله محاربون ولشريعة الرحمن معاندون، يصفون “الإسلام” بأشنع الصفات.

العلمانيون والاستهزاء بالإسلام
قال صاحب المقال عامله الله بعدله: “وقد أدت حالة الانكماش والجمود الفكري والعقائدي، والاستبداد والطغيان التي تشهدها بلاد المسلمين عامة إلى عملية هجرة معاكسة من هذه البلدان إلى بلاد حباها الله بنوع من الانفتاح والتحرر والانعتاق من الخرابيط والخزعبلات والزعبرات، وذهبت نهائيا باتجاه ازدهار اقتصادي واجتماعي وسياسي عام”.
إن الإسلام الذي رضيه الله تعالى لنا دينا في قوله جل شأنه: “الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً”، هو عند بني علمان المصدر الرئيسي لكل أوجه التخلف والهوان، لما يحمله في طياته من جمود عقائدي وفكري، فهو -في منظورهم- دين الانغلاق والتشدد، وشرائعه كلها خزعبلات وخرابيط وترهات، تجعل المتمسكين به في آخر الركب قد فاتهم قطار الحضارة والحياة.
فكيف يعتقدون مثل هذا الاعتقاد في دين جعله الله سبب الرفعة والتمكين؟ وذلك في قوله تعالى في كتابه الحكيم: “لَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ” أي شرفكم وفخركم وارتفاعكم -تيسير الرحمن-.
وكان الأمر كذلك، حيث كان الرعيل الأول بفضل تمسكهم بدين الله القويم وحبله المتين سادات العالم، دانت لهم أعظم دولتين في عهدهم -الروم والفرس-، قال الفاروق: “نحن قوم أعزنا الله بالإسلام فإن أردنا العزة في غيره أدلنا الله”.
لكن حال العلمانيين بل مقالهم يصرح بإن العزة في نبذ الإسلام والرفعة في إتباع الغرب.
“أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً”.

العلمانيون والعداء للحجاب
قال صاحب المقال في طعنة أخرى للإسلام: “وإن مثلث برمودا الفكري الفظيع الذي تتكون أضلاعه من الحجاب والجلباب والنقاب يبدو أكثر المناطق خطورة وسخونة وقلقا، يوشك على الانفجار ويهدد السلم والأمن للمغتربين في تلك البلدان…”
يعتبر أمر الحجاب عند بني علمان من آكد الأمور التي يجب نبذها وإزالتها من بلاد الإسلام، فلقد حاولوا مرارا وتكرارا ولا يزالون يبذلون قصارى جهودهم لإقناع المسلمات بضرورة التخلص من الحجاب -علامة العفة وشعار الطاهرات-. فكم نشروا في كتبهم وجرائدهم من المقالات، وكم بثوا في قنواتهم من البرامج والمسلسلات، وكم أذاعوا في إذاعاتهم من الموضوعات..كلها تدندن حول الطعن في الحجاب والاستهزاء به وبيان أنه من أمور الجاهلية التي لا تليق البتة مع عصر التقدم والحضارات. عصر يلزم المرأة حتى تكون في المستوى المطلوب وتنال رضا الغرب المحبوب أن تنبذ خمارها وجلبابها بل وبيتها وتخرج سافرة متبرجة لا أثر للعفة عليها.
وكل ما يتبجح به العلمانيون التغريبيون ويعقدون حوله مؤتمراتهم وندواتهم من حقوق المرأة وإدماج المرأة والمساواة بين الرجل والمرأة، وما يرفعونه من شعارات التحرر…ليس الهدف منه إلا القضاء على ما بقي عند هذه المرأة من عفة وحياء، وجعلها وسيلة في أيديهم القذرة للفتك بها وبشباب الأمة وإغراقه في أوحال الرذيلة والفساد.
فهم قد استوعبوا من شيخهم “الغرب” الدرس جيدا، وأيقنوا أن المرأة – إن هم استطاعوا التأثير عليها- ورقة رابحة في مسلسل الفساد والإفساد، لذلك فإنهم يحاولون على قدم وساق إقناعها للإعراض عن شريعة ربها ونبذ حجابها الذي يعتبره بنوعلمان أحد أضلاع مثلث برمودا الفظيع الذي يوشك على الانفجار ويهدد السلم والأمن والاستقرار، فعليهم ما يستحقون من العزيز القهار.
يقول صاحب المقال عامله الله بعدله:” وأنا أرى في تسامح الغرب إزاء هذه الظاهرة المنفرة ضربا من الكرم الذي لا يمكن أن يتوفر البتة للمنقبات ومن يقف وراءهم من جماعات التدين والتجارة بالأديان، وإذا كانت المرأة المنقبة لا تثق بنفسها في مواجهة الرجال، كما تفعل كثير من السافرات، فهذا ليس ذنب الآخرين حتى تستفزهم بهذا اللباس، والأفضل لها أن تبقى تحت الأرض وفي مخدعها لا تبرحه طوال الزمان ولكي لا تشوه الوجه الحضاري لهذه المجتمعات”.
فانظر أخي القارئ إلى مدى الحقد الذي وصل إليه العلمانيون ومدى جرأتهم على حدود الله جل وعلا واستهزائهم بشعائره. الله تعالى يقول لنبيه صلى الله عليه وسلم: “يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً”.
وبنو علمان يعارضون ويعاندون ويعتبرون الحجاب والنقاب أمرا استفزازيا، وينصحون المنقبة بأن تدفن نفسها تحت الثرى، فذلك خير لها وأفضل من أن تدب على وجه الأرض مرتدية نقابا يشوه معالم الحضارة، وينتقص الرجل ويهينه” على اعتبار أنه رجل لا يمكن الوثوق به واعتباره أنه مجرد وحش بشري سينقض على هذه المرأة بمجرد أن يخلو له الجو” كما سود صاحب المقال في مقاله.
وما أكرم الغرب مع نسائنا حيث سمح لهن بالاحتجاب وارتداء النقاب في بلاده، وما أحوجنا -في نظر بني علمان- إلى هذا الكرم الذي لولاه لتهنا ولتخطفنا من حيث لا ندري.
دماء المسلمين تسفك، ونسائهم تغتصب، وحرماتهم تنتهك في كثير من البقاع على أيدي أعداء الله من دول الغرب، والعلمانيون يثنون ويشيدون بكرم الغرب وبسخائه يتبجحون، فما أتعس بني علمان وما أشقاهم، وما أخسر صفقتهم، قال جل في علاه: “فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٌ فَعَسَى اللّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُواْ عَلَى مَا أَسَرُّواْ فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ” المائدة 52.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *