بلاجي حاوره: نبيل غزال

رخصت اللجنة المكلفة تحت إشراف بنك المغرب لخمسة بنوك تشاركية وثلاث شبابيك للمنتوجات التشاركية، وعقب ذلك انهالت أسئلة المواطنين والمواطنات حول معاملات هذه البنوك، وأوجه الاختلاف بينها وبين البنوك التقليدية، ومدى مطابقتها لأحكام الشريعة الإسلامية.
وبحثا عن جواب لتلك الأسئلة طرقنا باب الدكتور عبد السلام بلاجي، رئيس الجمعية المغربية للاقتصاد الإسلامي، فأجابنا عن بعض تلك التساؤلات..

بلاجي: قانون البنوك التشاركية يمنع منعا باتا التعامل بالفائدة أخذا أو عطاء أو هما معا

من بين أكثر الأسئلة المطروحة تلك المتعلقة بقروض السكن والقروض الاستهلاكية، حيث يتوهم كثير من المتتبعين أن البنوك التشاركية أو الإسلامية تعطي قروضا دون مقابل. فهل هذا صحيح؟
البنوك التشاركية والبنوك الإسلامية بصفة عامة لا تعطي قروضا وإنما تمول المقتنيات التي يريد أن يقتنيها الزبون، وهذا فرق جوهري بينها وبين البنوك التقليدية.
البنوك التقليدية تعطي قرضا مقابل فائدة، والبنوك التشاركية تعطي تمويلات بناء على طلب الزبون، تتحمل فيها نوعا من المخاطر، وهذا منعدم في البنوك التقليدية التي لا تتحمل أية مخاطر، وهي تقدم قروضا مقابل فائدة وانتهى الأمر.
بالنسبة للبنوك التشاركية هي بنوك تجارية ربحية، لكن الفرق بينها وبين البنوك التقليدية، أنها تربح في إطار التجارة والبيع والشراء والعقود المباحة شرعا.
فلذلك؛ فهي ليست مؤسسات إحسانية تعطي للناس إحسانا أو مساعدات وقروض حسنة وغير ذلك، وإنما هي مؤسسات تجارية محكومة بضوابط الفقه الإسلامي ومقاصد الشريعة الإسلامية.
تبقى هناك بعض البنوك الإسلامية في حالة نجاحها ووجود فوائض عندها تخصص قروضا حسنة لبعض زبنائها، وما ينطبق على القروض الحسنة عند البنوك التشاركية، ينطبق كذلك على القروض الحسنة عند الأشخاص، فليس هناك شخص يعطي قروضا حسنة لجميع الناس، وإنما يعطيها لبعض أصدقائه ومعارفه إذا فاض عليه شيء من المال، وكذلك البنوك التشاركية يمكنها أن تقوم بهذا، ولكن لا يمكن أن يلزمها بذلك أحد، لا القانون ولا الشرع.

بالنظر إلى أن كثيرا من المواطنين يمتنعون عن المشاركة في الأبناك التي تسمى تقليدية لسبب ديني محض، فكيف يمكن إقناع المواطنين بأن البنك الذي كانوا يتحفظون عن التعامل معه هو نفسه من سيقدم لهم المعاملات الإسلامية البديلة؟
إذا رجعنا إلى أحكام الشريعة الإسلامية فنحن نتعامل أولا مع مسلمين، فأرباب هذه البنوك في عمومهم مسلمون، ونحن يمكن أن نذهب أبعد من ذلك ففي مسائل المال والتجارة يمكن أن نتعامل حتى مع غير المسلمين، وحين تتعامل مع غير المسلم فأنت غير مزلم بمعرفة مصدر أمواله.
ثم إن البنوك التقليدية التي ستدخل مجال التشاركية كثير من مسؤوليها يؤكدون أنهم لا يدخلون بالفوائد وإنما يدخلون بالأصول، ومنهم من باع أصولا ليمول بها البنوك التشاركية، ثم إن الفوائد إذا قيست برؤوس أموال هذه البنوك فهي لا تمثل إلا نسبة قليلة جدا، ومبحث اختلاط الحلال بالحرام في الفقه الإسلامي مبحث كبير جدا، لا مجال للدخول فيه..
المهم الذي أقوله لهؤلاء المواطنين أنكم محكومون بقانون مغربي وخاصة المادة 52 من قانون البنوك التشاركية الذي يمنع منعا باتا على البنوك التشاركية أن تتعامل بالفائدة أخذا أو عطاء أو هما معا، المهم أنها حين تتعامل معك أنت لا تتعامل بالفائدة، فأنت احصر على أن تسير في هذا الاتجاه.
بالنسبة لنسبة الاستبناك في المغرب، حسب الإحصاء الرسمي الذي نشره بنك المغرب، فهذه النسبة لا تتجاوز 65%، ولكن هذه النسبة لا تدل أن 65% من المغاربة عندهم حسابات، حيث أن شركة يمكن أن يكون عندها 40 حسابا، وفرد واحد يمكن أن يكون عنده 4 أو 5 حسابات، فحينما نجمع مجموع الحسابات ونقسمها على عدد المواطنين تعطينا النسبة المذكورة، لكن نسبة تعامل المواطنين مع الأبناك هي أقل من ذلك بكثير.
ولكن ليس هذا كله راجع لأسباب دينية، فهناك من يريد أن يتهرب من الضرائب، وهناك من يتعامل تعاملات محظورة قانونا وشرعا، وهناك من يريد ألا يطلع أحد على ثروته، وهناك لأسباب دينية أيضا.
ولكن ليس عندنا دراسة علمية موثقة تبين لنا نسب هؤلاء، لذلك نحن لا نجزم بأن كل من ليس له حساب هو لأسباب دينية، ولكن هناك شريحة واسعة تمتنع عن التعامل مع البنوك التقليدية لأسباب دينية، ولذلك سيكون من بين مهام البنوك التشاركية أنها سترفع نسبة الاستبناك، وسترفع نسبة الادخار، وهي مهمة جدا في تحريك الاستثمار وتشجيع التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

يتساءل كثير من المواطنين عن الهيئة الشرعية أو العلمية التي ستفحص العقود التي تطرحها البنوك التشاركية، وتقدم حكم الشرع حولها.
الهيئة الشرعية هي التي نص عليها القانون البنكي المغربي وسماها الرأي بالمطابقة الصادر عن المجلس العلمي الأعلى، وجاء ظهير ملكي عدل اختصاصات المجلس العلمي الأعلى.
فالقانون البنكي صدر في الجريدة الرسمية في 22 يناير 2015، والظهير المتعلق بالهيئة الشرعية للمالية التشاركية صدر في 07 فبراير 2015، بينهم تقريبا ثلاثة أسابيع.
هذا الظهير أسس اللجنة الشرعية للمالية التشاركية، فهذه اللجنة تفحص أولا تقارير البنوك التشاركية الصادر في نهاية كل سنة حسابية، ثانيا تُعرَض عليها نماذج المنتوجات التشاركية الجديدة وتفحصه، وإذا وافقت عليه يصبح ساري المفعول.
ثم داخل كل بنك ألزم القانون أن يوجد ما سماه “وظيفة التقيد بآراء المجلس العلمي الأعلى”، وهي تعمل بشكل يومي. فكل بنك فيه موظفون يسهرون على فحص العقود التي تبرم مع الزبناء بشكل يومي، وهؤلاء الموظفين يكون عندهم إلمام بالجانب الشرعي وبالجانب البنكي أيضا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *