جورجي زيدان وروايته “شجرة الدر” -2- د. عبد العزيز وصفي

قبل بيان ما تضمنته هذه الرواية التي اخترناها للدراسة النقدية بناء على ما جاء في ملف المجلة التي قدمت “شجرة الدر” على أنها نموذج يحتذى وقدوة لا تضاهى، لا بأس أن أقف وقفة موجزة مع صاحبها الذي يتغنى به هؤلاء المتحررون والعلمانيون، وإليكم بعض أقواله التي تنضح بما فيها من الافتراءات والبهتان:
1- قال عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (إن سطوته انتشرت في جزيرة العرب، ويسمى أتباعه المسلمين… وهو لم يدع قافلة تمرّ بالمدينة إلاّ غزاها وفرّق أسلابها وأموالها بين رجاله؟؟!!)( ).
2- ووصف الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه بأنه: (تشغله فتاة تورّدت وجنتاها وذبلت عيناها، وتكسّرت أهدابها، واسترسل شعرها الأسود على ظهرها وصدرها؟؟!!)( ).
3- محمد بن أبي بكر ومروان بن الحكم يتنافسان على حب فتاة مسيحية( ).
4- الصحابي ابن الحواري عبد الله بن الزبير “ملحد”؟؟!!( ).
5- سُكينة بنت الحسين (أمرت أشعب، وكان مضحكاً لها، أن يقعد على بيض حتى يفقس، وقعد أيامًا ثم فقس البيض وملأت فراريجه الدار، فسمتها بنات أشعب!!).
6- وأما السيدة نائلة زوجة عثمان رضي الله عنهما، فيصفها جرجي – قبّحه الله- وصفًا أخجل أن أنقله( ).
7- وعبد الرحمن الغافقي (له خباء من النساء، وفي خبائه عشرات من النساء، وهو هائم بحب إحدى الفتيات، وله قهرمانة تشرف على خباء نسائه.. وهي ذات نفوذ تولي وتعزل من تشاء!!)( ).
8- ويقول عن الخليفة المعتصم: (إنه أنشأ كعبة في سامرا ليحوّل المسلمين عن كعبة مكّة ويذهب بما بقي للعرب من مصادر الرزق حتى يميت عرب الحجاز لأنهم يرتزقون من الحُجّاج، فأنشأ كعبة في سامرّا ليغني المسلمين عن الحجاز، ولكنه ليس أول من فعل ذلك من الخلفاء أو الأمراء، فقد حاول ذلك الحَجَّاج والمنصور ولم يُفلحا!!)( ).
يقول الدكتور مازن المبارك: وكأني بجرجي.. يظن أن الحج إلى الكعبة صادر بمرسوم أو أمر من الخليفة! وأن الخليفة يستطيع أن يبني كعبةً حيث يشاء، وأن يأمر المسلمين بالحج إليها، وأن المسلمين يطيعون فيستغنون عن كعبة بيت الله الحرام في مكّة!!
والجدير بالذكر أن التاريخ يقول عن الخليفة المنصور الذي يتهمه جرجي بمحاولة بناء الكعبة أنه مات محرماً في طريقه إلى الحج على بعد أميال من مكّة.
ومما وصف به العرب قوله: (لم يبق أحدٌ يحاربنا إلاّ ثلاثة: العرب والمغاربة والأتراك؛ والعربيّ بمنزلة الكلب (هكذا!) اطرح له كسرة واضرب رأسه، والمغاربة أكلة رأس، والأتراك ما هي إلاّ ساعة حتى تنفد سهامهم، ثم تجول الخيول عليهم فتأتي على آخرهم، ويعود الدين إلى ما لم يزل عليه أيام العجم)( ).
• وفي مجال الصراع بين العرب وخصومهم يقول: (إن السِّخال لا تقوى على النطاح، والبغال لا صبر لها على لقاء الأُسْد!!).
• ويقول أيضاً: (إنّ ما عند كسرى من ذهب وحجارة كريمة ذهبَ كلّه غنيمة للمسلمين، وهم يومئذ أهل بادية، حفاة عراة، لا يفرّقون بين الكافور والملح، ولا بين الجوهر والحصى.. فاقتسموا الآنية، وقطّعوا الأبسطة، ومزّقوا الستائر. وكان نصرهم من آيات تغلب البداوة على الحضارة!!) انتهى.
وفي مواضع أخرى اتّهم هذا الكذّاب القائد صلاح الدين بالماسونية، ومن قبله الخليفة الوليد بن عبد الملك! بل وعلماء المسلمين وفقهاءهم.
وهو الذي افترى كثيرًا من الكذب والبهتان على الأمير عبد القادر الجزائري واتهمه بالماسونية أيضاً؟!
ليس هذا فحسب فقد قال: (إنّ الله أسسَ أوّل محفل ماسوني في جنّة عدن وأن ميخائيل رئيس الملائكة كان أوّل أستاذ أعظم!!).
وكتاب (تاريخ الماسونية العام) [مطبعة الهلال بمصر الطبعة الثانية، 1920م]( ). في المجمل يشبه قصّة روائية خيالية كاتبها سكران! فهو يدّعي أنّ الماسونية قديمة قدمَ الإنسان ومع ذلك تعجّب من نبيّ الله عيسى ابن مريم فقال: (ولا نعلم ما الدّاعي لإغفال السيد المسيح ذِكرَها مطلقًا، مع أنه تكلّم كثيرًا عن طائفتي الصديقيين والفريسيين المعاصرتين لها)( ).
ثمّ إذا كانت الماسونية دخلت إلى سورية من أيام الوليد وصلاح الدين، فلماذا يقول جرجي إن الأمير عبد القادر هو أول من أدخلها إلى سورية؟!
الجواب: لأنّه كذّاب أشِر في كلّ ما قاله وادَّعاه.
فهذا غيضٌ من فيض نتن من آثار الماسوني جرجي؛ ذلك الكذاب الأشر والحاقد والمزوّر القذر الذي يُعدّ مرجعاً رئيساً يعتمد عليه المتهجّمون على الإسلام والهوية الإسلامية من أبناء جلدتنا ومن المتغربين والمستشرقين وأدباء الحداثة المعاصرين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *