حين ينزع الإعلام عن وجهه بُرقع الحياء، ويُعلنها جهارا وعلى مدى سنوات، أنه جاء للمتعة والتسلية، وطمس الهوية ونسف كل قيم المجتمع الأصيلة التي تمتاح من ديننا الإسلامي وتاريخنا الوطني. فلا غرو أن يصفعك كل حين بما يثير حفيظتك كمسلم حرّ أبيّ.
القناة الثانية عوّدتنا طوال سنوات على صناعة الحدث في الانحراف، ولعلّنا نذكر جميعا نقلها الفاضح لفعاليات مهرجان موازين، وتلك السهرة الجنسية التي أحيتها “جيسي جي”، لذا حين سمعتُ بالغضبة الشعبية الفايسبوكية على هذه القناة القذرة لم أستغرب، فالشيء من معدنه لا يستغرب، وطالما الحرة تموت ولا تأكل بثدييها، فإن غير الحرة حين تجوع أكيد تأكل بثدييها وبكل السبل لتروي نهمها.
وكلنا نعلم المشاكل التي تتخبّط فيها القناة، وتكرارها لبرامجها المملة عشرات المرات خير دليل على ذلك. وأكيد حين يمدّ لها أمثال عيوش يديه، فلن تردهما، بل ستقبّلهما وهي تقول: هل من مزيد!!
لم أطلّع حقيقة على البرنامج (الحدث)، وحسبي ما قرأت من نماذج لبعض التصريحات الواردة به، ولعله يصبّ في نفس المنحى الذي تسعى إليه الجهات العلمانية، وهو مشاقة الله ورسوله والسعي لشرعنة الميوعة والدياثة تحت ذريعة كسر ما يسمونه (طابوهات).
ومن يتابع سيْر أطفالنا في المدارس ويحتك بفكرهم واهتماماتهم، يوقن أن هذا الإعلام (اللعين) قد نجح في كثير من مآربه، وأنه مع تفاهته قد استطاع اختراق العقول والقلوب التافهة التي تفتقد للحصانة الإيمانية والتوجيه السليم، وقد صدق الجاحظ حين قال: (اللفظ الهجين الرديء، والمستكره الغبي، أعلق باللسان، وآلف للسمع، وأشد التحاما بالقلب من اللفظ النبيه الشريف، والمعنى الرفيع الكريم. ولو جالست الجهال والنوكى، والسخفاء والحمقى، شهرا فقط، لم تنق من أوضار كلامهم، وخبال معانيهم، بمجالسة أهل البيان والعقل دهرا، لأن الفساد أسرع إلى اللسان، وأشد التحاما بالطبائع،) البيان والتبيين ج1ص62-63.
فهذه البرامج التافهة مع ما يقال عنها، إلا أنها تحقق نسبة مشاهدة كبيرة، مما يدل على تفاهة الرأي العام أكثر من تفاهة أصحاب هذه البرامج.
ولعلنا نذكّر -مسوقي هذا الفساد- بكلمة جميلة للملك الراجل الحسن الثاني عن الحداثة، تصلح للردّ على مثل هذه المواقف: (إذا كان المقصود بالحداثة القضاء على مفهوم الأسرة وعلى روح الواجب إزاء الأسرة، والسماح بالمعاشرة الحرة بين الرجل والمرأة والإباحية في طريقة اللباس مما يخدش مشاعر الناس، إذا كان هذا هو المقصود بالحداثة، فإني أفضل أن يُعتبر المغرب بلدًا يعيش في عهد القرون الوسطى، على ألا يكون حديثا).
لقد شاخت القناة الثانية على هذا الدرب العفن ..
والشيخ لا يترك أخلاقه .. حتى يوارى في ثرى رمسه
إذا ارعوى عاد إلى جهله .. كذي الضنى عاد إلى نكسه