المنفعة فكرة فلسفية لا تلتزم بالأصول الدينية، إذ تقيس صواب العمل بمقدار ما يحققه من منفعة وسعادة بصرف النظر عن توافقه مع الأخلاق أو مطابقته للدين.
التعريف
المنفعة مذهب أخلاقي اجتماعي لا ديني، يجعل من نفع الفرد والمجتمع مقياساً للسلوك، وأن الخير الأسمى هو تحقيق أكبر سعادة لأكبر عدد من الناس.
وفي مجال الاقتصاد يقرر مذهب المنفعة أن قيمة السلعة تتوقف على قدر منفعتها وليس على نفقة العمل أو التكلفة.
التأسيس وأبرز الشخصيات
تأسس مذهب المنفعة في إنجلترا ومن أبرز شخصياته:
يعد “جيرمي بنتام” 1748/1832م زعيم القائلين بمذهب المنفعة، ولد في لندن، وقدم نظريته في المنفعة في كتابه: “مقدمة لأصول الأخلاق والتشريع”.
“جون ستيوارت ميل” 1806/1873م وهو فيلسوف إنجليزي، ألف كتاب “مذهب المنفعة” ونادى بالحرية الفردية.
“هربرت سبنسر” 1820/1903م وهو فيلسوف إنجليزي قال بتطور الأنواع قبل “دارون”.
“ج.أ. مور” 1873/1958م وهو فيلسوف إنجليزي أيضا، ألف كتاب “أصول الأخلاق” وأدخل تعديلات على مذهب المنفعة إذ قبل الرأي القائل بأن صواب أي فعل من الأفعال يتوقف على النتائج الحسنة والسيئة التي تترتب عليه.
الأفكار والمعتقدات
يعد مذهب المنفعة نظرية في الأخلاق، طبعت أتباعها بطابع مميز.. إذ كان كل همِّهم الاهتمام بالحياة الدنيا والاغتراف من لذاتها.
ويمكن تلخيص أفكار هذا المذهب الهدام فيما يلي:
إن صواب أي عمل من الأعمال، إنما يحكم عليه بمقدار ما يسهم في زيادة السعادة الإنسانية أو في التقليل من شقاء الإنسان، بصرف النظر عن السداد الأخلاقي لقاعدة ما، أو مطابقتها للوحي أو للسلطة أو للتقليد أو للحس الأخلاقي أو للضمير.
اللذة هي الشيء الوحيد الذي هو خير في ذاته، والألم هو الشيء الوحيد الذي هو شرٌّ في ذاته، والسعادة تشمل اللذة والتخلص من الألم، وإن رجحان كفة اللذة قد يعود هو نفسه فيصبح مصدراً للمزيد من اللذة.
يمكن دفع الناس إلى التصرف على نحو يؤدي إلى السعادة العامة من خلال ما يلي:
1- القانون بقصاصه، والرأي العام بجزاءاته من ثواب وعقاب، فهما يحولان بين الناس وبين أن يأتوا من الأعمال ما يضاد الصالح العام.
2- المنفعة الذاتية المستنيرة تدل الناس على أن الصالح العام ينطوي في أغلب الأحوال على منفعتهم الخاصة.
الجذور الفكرية والعقائدية
إن لنظرية المنفعة جذور في الفكر اليوناني، وعند الفيلسوف “أبيقور” 342/270 ق.م بشكل خاص.
ويمكن في الوقت الحاضر أن نجد جذور مذهب المنفعة عند كل من:
“تومامس هوبز” 1588/1679م الفيلسوف الإنجليزي الذي يرى أن كلمة خير يقصد بها الشهوة، وكلمة شر يقصد بها النفور.
و”جون لوك” 1632/1704م الفيلسوف الإنجليزي و”فرنسيس هتشون” 1694/1747م الفيلسوف الأيرلندي، ونظريته في الحس الأخلاقي تعبر في بعض جوانبها عن مذهب المنفعة إلا أنها ترتكز على الدّين.
كما نجد جذور مذهب المنفعة أيضاً عند “ديفيد هيوم” 1711/1776م الفيلسوف الإنجليزي الذي يرى أنه لا شيء يؤثر في الفعل الإرادي غير اللذة والألم، وقد يكون التأثير مباشراً.
وعندما جاء “جيرمي بنتام” مؤسس مذهب المنفعة، استفاد من كل من سبقوه منتهياً إلى نظرية متكاملة، في رأيه، ومستخدماً إياها على أوسع نطاق.
يتضح مما سبق
إن المنفعة فكرة فلسفية لا تلتزم بالأصول الدينية، إذ تقيس صواب العمل بمقدار ما يحققه من منفعة وسعادة بصرف النظر عن توافقه مع الأخلاق أو مطابقته للدين، وترى أن كلَّ ما يُلزم به الدين، يمكن للقانون بقصاصه والرأي العام بجزاءاته أن يأتي به. ولا شك أن في هذا تجاوزاً يهدم أسس العقيدة ويحول المجتمعات إلى غابة تتصارع فيها المنافع بلا ضابط أو رابط.