الأزمة التي يعاني منها المقدسيون هي ذاتها التي يعاني منها مسجدهم، إنها الاحتلال.
الاحتلال هو ذاته الأزمة المتجددة القديمة الحديثة ليست المرة الأولى، التي يحاول فيها الاحتلال السيطرة التامة على الحرم القدسي بل إنها مرات ومرات، ولن تكون تلك محاولته الأخيرة على الرغم من أن الحرم عمليا يقع تحت قبضته، وإن أبقى إدارته من الداخل للأردن قليلا ولأوقاف ما يسمى بالسلطة الفلسطينية قليلا، ومع اطلاعه على كل صغيرة وكبيرة من أموره.
القدس الآن تقع تحت سيطرة الاحتلال بشكل كامل ومطلق، لدرجة أنك تشعر -لو جربت العيش فيها- بأن لا عيش لك هنا، فلم يعد مكان في القدس إلا وجعلوا فيه موطئ قدم لهم، على اعتبار أنهم أهلها الحقيقيون يبحثون في كل زاوية فيها تحت الأرض وفوق الأرض عن أي أثر يودون لو يظهر لهم وللعالم الذي يكذبون عليه بأنهم متجذرون هنا وأصحاب الأرض.
هذا الأمر لا يقتصر على القدس وحدها بل يشمل جميع التراب الفلسطيني وحتى المدن التي يعتبرونها تقبع الآن تحت إدارة ما يسمى السلطة الوطنية فهي نتاج ما أفرزته اتفاقيات أوسلو ومدريد من معاهدات الذل والخنوع التي تخدم أساسا مصالح الاحتلال، وإن تمعنت في ما بعد حروفها ظاهريا ستجد أنها في الأصل للقضاء على كل ما هو عربي وإسلامي حقيقة.
نعود إلى القدس في الحقيقة ما يحدث على أرضها إنما هو نتاج حال أمة العرب بالذات والمسلمين بشكل عام نحن والعرب والمسلمين نعيش ليس حربا واحدة بل حروبا صليبية متجددة على كافة الأصعدة وبكل الأشكال والألوان والأنواع من عسكرية إلى اقتصادية إلى إعلامية إلى ثقافية وتربوية.
وأما عن معاناة المقدسيين فحدث ولا حرج على مختلف الأصعدة اجتماعيا واقتصاديا وتعليميا ولك أن تتخيل كافة أنواع الحروب من تلك المنطلقات فلها مسالكها التي تنخر المجتمع من أساسه بكل الوسائل: ترويج مخدرات، سن قوانين لنزع الحشمة والانتماء الأسري، والفقر، والبطالة، والتعليم الممنهج، والآن أصبح بمساعدة سلطة عباس وغيره.
هناك الكثير مما لا يتسع المجال هنا لذكره، وقس على ذلك الشأن الاقتصادي والتهجير القسري من القدس لعدم السماح بالبناء، بل وبسياسة الهدم الممنهجة إضافة إلى سحب الهوية الإسرائيلية لكل مقدسي يسكن مناطق السلطة إضافة إلى ضرائب لا مسميات لها في تاريخ الشعوب ولا الاحتلالات وغيره وغيره.
ـــــــــــــــــــــ
* دلال محمد التميمي: باحثة بجامعة القدس، وإحدى المرابطات حول الأقصى.