هل وضع عيسى عليه السلام على الصليب؟

 

 

قال الله تعالى: (وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا، بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا) النساء /157 – 158.

فالقرآن نص بوضوح على أن عيسى عليه السلام لم يقتل ولم يصلب، والذي حصل أنه شبه لهم، وإنما وقع الخلاف في صفة التشبيه.

قال الإمام الطبري رحمه الله تعالى: ” فقال: (وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ)، يعني: وما قتلوا عيسى، وما صلبوه، ولكن شبه لهم.

واختلف أهل التأويل في صفة التشبيه الذي شبه لليهود في أمر عيسى…” تفسير الطبري 7/650.

وصفة التشبيه، معرفتها ليست بذات أهمية؛ لذا لم تفصّلها نصوص الوحي من القرآن والسنة.

وما يذكره المفسرون من أخبار في كيفية نجاة عيسى عليه السلام؛ فهذه الأخبار: الظاهر من بعضها والمقطوع به في بعضها الآخر أنها مأخوذة عن أهل الكتاب من النصارى؛ لأن الوحي أذن في سماع أخبارهم التي لا تعارض ما جاء به نبينا صلى الله عليه وسلم.

فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: (كَانَ أَهْلُ الكِتَابِ يَقْرَءُونَ التَّوْرَاةَ بِالعِبْرَانِيَّةِ، وَيُفَسِّرُونَهَا بِالعَرَبِيَّةِ لِأَهْلِ الإِسْلاَمِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لا تُصَدِّقُوا أَهْلَ الكِتَابِ وَلا تُكَذِّبُوهُمْ، وَقُولُوا: (آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا) الآية..  رواه البخاري 4485.

وعن ابن أَبِي نَمْلَةَ الْأَنْصَارِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَا حَدَّثَكُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ فَلَا تُصَدِّقُوهُمْ، وَلَا تُكَذِّبُوهُمْ، وَقُولُوا: آمَنَّا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ، فَإِنْ كَانَ بَاطِلًا لَمْ تُصَدِّقُوهُ، وَإِنْ كَانَ حَقًّا لَمْ تُكَذِّبُوهُ) رواه أبوداود (3644)، وصححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة 6/712.

وهذا خاص بما لم ينص الوحي على كذبه.

قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله تعالى: “وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أذن لأمته أن تحدث عن بني إسرائيل، ونهاهم عن تصديقهم وتكذيبهم، خوف أن يصدقوا بباطل، أو يكذبوا بحق.

ومن المعلوم أن ما يروى عن بني إسرائيل من الأخبار المعروفة بالإسرائيليات له ثلاث حالات؛ في واحدة منها يجب تصديقه، وهي ما إذا دل الكتاب أو السنة الثابتة على صدقه، وفي واحدة يجب تكذيبه، وهي ما إذا دل القرآن أو السنة أيضا على كذبه، وفي الثالثة لا يجوز التكذيب ولا التصديق، كما في الحديث المشار إليه آنفا: وهي ما إذا لم يثبت في كتاب ولا سنة صدقه ولا كذبه ” انتهى من “أضواء البيان” 4/ 238.

وأما ما يذكره النصارى من حصول الصلب لعيسى عليه السلام؛ فهذه أخبار لا شك في كذبها؛ لأنها معارضة لنص كلام الله تعالى، والله هو الذي قدّر هذه الحادثة وتفاصيلها فهو أعلم بها، ومن أصدق من الله حديثا.اهـ

فكيف نعارض القرآن الذي حفظه الله تعالى من التبديل والتغيير بكتب قد وقع الاتفاق وقامت الأدلة على أنه قد لحقها التحريف والتبديل؟!

وينضاف إلى أدلة ضعف خبر الصلب؛ أن الأناجيل نصت على أن كل أصحاب عيسى عليه السلام اختفوا، فلم يشهد عملية الصلب أحد منهم فكيف يثبتون أنه قد صلب حقيقة؟!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *