من المعروف أن حزب العدالة والتنمية، جاء من حركة إسلامية دعوية، بغرض الدفاع عن المرجعية الإسلامية، عبر بوابة السياسة. لكن الملاحظ أن محطات كثيرة، كشفت أن الحزب تعرض لنحت وتآكل داخلي، لا يتجلى فقط ببعض الأخطاء هنا وهناك من طرف بعض الأفراد، وهو أمر طبيعي وعادي، بل بخروج قيادات لتبرير تلك الأخطاء، ولو بتبني خطاب ينقض مرجعية الحزب من أساسها، وينسف سبب وجود الحزب وغايته وهدفه.
في رأيكم إلى ما يرجع ذلك، هل هو تطور في الأفكار؟ هل هي مراجعة للقناعات؟ هل هي إكراهات وضغوطات؟ هل هو تكتيك أم استراتيجية؟ ماذا يحدث بالضبط في هذا الحزب؟
الإسلاميون يسيؤون إلى الدين من خلال ربط أنفسهم به وتبرير سلوكهم بالدين..
أعتقد أن هذا لا يطرح أي مشكلة لأن ما يسمى بالإسلام السياسي هو إسلام يتلون بتلون السياسة، فهذا تحول طبيعي يحصل في جميع التنظيمات الأيديولوجية، وليس فقط عند الإسلاميين. لذلك لا نستغرب أن نرى داعية إلى الاشتراكية وسلطة الطبقة العمالية يتحول إلى صاحب شركة أو معمل يستغل الطبقة العاملة، وداعية إلى الليبرالية يتحول إلى مدافع على الاحتكار، وإسلاميا داعية إلى الأخلاق يتحول إلى شخص يدوس عليها.
ثم إن حزب العدالة والتنمية صاغ مبادئه النظرية في حقبة المعارضة وهي حقبة الارتياح حيث لا يوجد تدافع مع الواقع ولا فرصة للاختبار، لكن بانتقاله إلى السلطة هو اليوم يعيد صياغة تلك المبادئ في زحمة الواقع.
المشكلة أن الناس تحكم على الدين من خلال خطاب وممارسة التيار الإسلامي وهذا خطأ كبير وقد يكون مقصودا من جهات معينة، بحيث تصبح سلوكيات وخطاب هذا التيار مقياسا تقاس به المسائل الدينية. مثلا في موضوع حجاب البرلمانية الذي أثير مؤخرا انتقل النقاش إلى الموقف الشرعي من الحجاب وكأن سفور امرأة إسلامية يعني عدم فرضية الحجاب أو مشروعيته، فالناس تقيس الإسلام بالإسلاميين وليس الإسلاميين بالإسلام.
ومن هذه الناحية فإن الإسلاميين يسيؤون إلى الدين من خلال ربط أنفسهم به وتبرير سلوكهم بالدين.
ولذلك أنا أعتقد أنه آن الأوان للفصل بين الدين والسياسة الحزبية لأنه تبين اليوم من خلال التجارب أن هذا الربط لا هو أدى الى إصلاح السياسة ولا هو أدى إلى الحفاظ على الدين.