تقديم القانون الأساسي للجمعية:
تعتبر جمعية (طلبة شمال إفريقيا المسلمين بفرنسا) من الجمعيات التي تأسست في فرنسا في العشرينيات من قبل طلاب أبناء المغرب العربي، تونس، الجزائر، المغرب، للأغراض التي يقدمها قانونها الأساسي، والذي طبع في المطبعة التونسية بنهج سوق البلاط تونس 1928.
وقد قامت الجمعية بأدوار رائدة في تأطير الطلبة المغاربيين بفرنسا الذين كانوا يافعين، بيد أنهم متوقدون حماسا وغيرة على تحرير بلدانهم من الاستعمار الفرنسي.
والجدير بالذكر أن من بين المنتسبين لها الذين كان لهم دور هام نذكر السادة: محمد الفاسي، أحمد بلافريج، عبد الخالق الطريس، وغيرهم، وأن أحد مؤتمراتها عقد بالمغرب في الثلاثينيات إلا أنه لم يستطع إتمام أشغاله بسب خلاف بين اللجنة المنظمة والإقامة العامة، سبق أن تطرقنا له في مقال آخر.
وفي ما يلي نص القانون الأساسي:
باسم الله الرحمان الرحيم
مظاهر الحياة في هذا العصر كثيرة لا تكاد تحصى عدا، وأشرف هاته المظاهر وأجدرها بالاعتبار وأهمها بالعناية (العلم) الذي أضحى اليوم كعبة القصاد تشد لأجله الرواحل، وتطوى للكرع من حياضه المنازل، وقد شيدت الدولة الفرنسوية في بلدها وعلى الأخص بمدينة باريس في سائر الفنون هياكل ومدارس وكليات أضحت نموذجا كاملا في إتقان التعليم، والأخذ بالأساليب العصرية، وتقريب الاكتشاف العلمي للساعين، فقصدها الطلاب من كل فج عميق شاربين من مناهلها، حاملين لبلادهم ما تلقوه من كريم دروسها، ورأينا هؤلاء الطلبة يكونون جمعيات تجمع بينهم وتربط بين قلوبهم بحبل المودة والإخاء، وألفينا تلك الجمعيات آهلة بالطلبة يتفاهمون في المسائل العلمية والاجتماعية وتتحاكك قرائحهم وتتحد عواطفهم ويسعف بعضهم بعضا في وقت الضيق، ويسعى كل واحد منهم في تشجيع غيره على القيام بالواجب الذي من أجله تغرب، فأدركنا مزايا هاته المؤسسات التي تجمع شمل الطلبة الذين هم من بلد واحد، وتلم شعثهم وتوحد كلمتهم حتى لا يكون بينهم اختلاف في الأصول التي يرتكز عليها تفكيرهم، فلما شعرنا بذلك عزمنا على تأسيس جمعية طلبة شمال إفريقيا (المسلمين)، وقد لاقينا في الأول صعوبة في تأسيس هاته الجمعية، لكن عملنا بعزيمة ثابتة وكثير جهد فكللت مساعينا بالنجاح، وأمكن لنا أن ندخل في الجمعية الجديدة التي ما لبثت أن أخذت صورة رسمية كافة (1) الطلبة من تونسيين وجزائريين ومغاربة جعلنا لها قانونا أساسيا هذا نصه:
تأسيس الجمعية
الفصل الأول
تأسست بباريس جمعية تدعى “جمعية طلبة شمال إفريقيا المسلمين” تتركب من أعضاء عاملين وهم من توفرت فيهم الشروط التي سيأتي ذكرها.
الفصل الثاني
ترمي “جمعية طلبة شمال إفريقيا المسلمين” إلى الأغراض الآتية:
(أ) تمتين روابط المودة والتضامن، وذلك بإنشاء ناد ومكتبة وإصدار مجلة باللسانين العربي والفرنسي، والقيام باجتماعات منظمة.
(ب) تشجيع شبان البلاد على استكمال معلوماتهم بفرنسا.
(ت) تسهيل إقامتهم هناك بمنحهم إعانات، وقروش شرف، وتأسيس دار لسكناهم هناك.
الجمعية لا تشتغل بالسياسة
تنظيم أقسام الجمعية وسيرها يقع حسب تراتيب داخلية يسنها مجلس الإدارة ويعلم بها كافة الأعضاء العاملين.
ترتيب الجمعية
الفصل الثالث
تتركب الجمعية من:
(1) أعضاء عاملون وهم المقيدة أسماؤهم بصفة رسمية بإحدى الكليات أو المدارس الكبرى بفرنسا، وكذلك تلامذة التعليم الثانوي في المرتبة الثانية، ولا يكون عضوا عاملا إلا من دفع معلوم اشتراك سنوي قدره خمسة وعشرون.
(2) وأعضاء مساعدون وهم الذين دفعوا اشتراكا أقله ثلاثون فرنكا في السنة إسعافا للمشروع.
(3) وأعضاء شرفيون وهم الذين بفضل مساعدتهم الأدبية أو المادية أمكن للمشروع أن ينمو ويسير في طريق التقدم والنجاح.
موارد الجمعية
الفصل الرابع
موارد الجمعية اشتراكات أعضائها وما تتلقاه من الإعانات سواء اشترط صاحبها تخصيصها لغاية معينة أم لم يشترط.
الفصل الخامس
الجمعية يديرها مجلس متركب من اثني عشر عضوا ينتخبون من بينهم رئيسا ونائب رئيس وأمين مال وكاتبا وكاتبا معاونا، وأعضاء المجلس تنتخبهم الجلسة العامة الاعتيادية التي تجتمع وجوبا في يوم الأحد السالف لآخر أحد في شهر ديسمبر الإفرنجي والانتخاب لسنة كاملة.
انتخاب المجلس ووظيفته
الفصل السادس
المجلس يقع انتخابه بالأغلبية النسبية من الأعضاء الناخبين الذين وقع استدعاؤهم لهذا الغرض.
الفصل السابع
الأعضاء العاملون الذين دفعوا معلوم اشتراكهم لهم وحدهم حق المشاركة في الانتخاب وحضور الجلسة العامة، ويستدعيهم المجلس القديم لهذا الغرض خمسة عشر يوما قبل انعقاد الجلسة العامة، لكن إن لم يقع استدعاء الأعضاء في الأجل المذكور لسبب من الأسباب فللجلسة العامة أن تجتمع من غير استدعاء في الأحد الأخير من شهر دجنبر غير أنه لا يمكن لها أن تقرر شيئا إلا بمشاركة نصف الأعضاء العاملين على الأقل في الاقتراع.
الفصل الثامن
(أ) الطلبة المقيمون خارج باريس لهم حق المشاركة في الانتخاب بالمراسلة.
(ب) لجنة الانتخاب يرأسها أكبر الجماعة سنا ومعه عضوان من أصغر الحاضرين.
(ت) مراسلات الانتخابات لا تفتح إلا وقت عدّ الأصوات وأما التي ترد بعد الفراغ من ذلك تعتبر باطلة.
الفصل التاسع
يجتمع مجلس الإدارة عادة في الخامس من كل شهر فإن صادف يوم أحد أجل الاجتماع إلى الغد.
الفصل العاشر
وظيفة المجلس المصادقة على قرار الجلسة السابقة والنظر في الحالة المالية التي يبينها أمين المال، والإذن في كل ما يقع إنفاقه من صندوق الجمعية، والنظر في المسائل التي تمس بإدارة الجمعية وسيرها المنصوص عليها بمحضر الجلسة الذي يقدمه الرئيس لبقية الأعضاء.
لا يمكن تنفيذ أي أمر يتعلق بالجمعية إلا بعد المفاوضة فيه والاقتراع عليه من طرف المجلس، ويمكن للرئيس أن يأذن بصرف مبلغ لا يتجاوز مائة فرنك بشرط عرض ذلك على المجلس في أول جلسة تنعقد للمصادقة.
المجلس ينظر في مطالب الانخراط وقروض الشرف والإعانات، ويقضي فيما يرد عليه من التشكيات من قبل أحد الأعضاء أو ضده في شأن من شؤون الجمعية، فيمكن له الحكم عليه بالتوقيف المؤقت أو بالوقف النهائي، غير أنه للمصادر بإحدى هذين القضاءين أن يستأنف قرار المجلس لدى الجلسة العامة الاعتيادية بشرط أن يبلغ استئنافه لمجلس الإدارة بخمسة عشر يوما على الأقل قبل اجتماع الجلسة العامة.
الفصل الحادي عشر
قرارات مجلس الإدارة لا تكون قانونية إلا إذا حضر الجلسة ستة أعضاء على الأقل، ووقع الاقتراع عليها بالأغلبية النسبية، وعند تعادل الأصوات يكون صوت الرئيس حاسما.
الفصل الثاني عشر
الرئيس أو نائبه عند مغيب الأول أو وقوع إعلام منه يتعذر حضوره مكلف باستدعاء مجلس الإدارة بجلسات غير اعتيادية سواء كان ذلك من تلقاء نفسه أو بطلب كتابي من ثلاثة أعضاء، وهو الذي يرأس الجلسة، يهيء محضر الجلسة، ويعرضه على المجلس للموافقة، ويأذن بالمصاريف، وبصفة عامة يتولى تنفيذ جميع ما يقرره المجلس، ويمثل الجمعية فيما تقوم به من التصرفات والقضايا المدنية.
الفصل الرابع عشر
أمين المال يستجمع موارد الجمعية ويدفع المصاريف المأذون فيها من الرئيس والمؤيدة بحجج كتابية تضم إلى دفاتر المحاسبة، وهو ملزوم بوضع ما يرد من مال الجمعية بإحدى البنوك باسم الجمعية في أقرب وقت، وهو مسؤول عن تصرفه لدى مجلس الإدارة، وملزوم بإطلاع أي عضو عامل على تصرفه إن رغب ذلك كتابة قبل انعقاد الجلسة العامة الاعتيادية بخمسة عشر يوما على الأقل.
الجلسة العامة
الجلسة الإعتيادية
الفصل الخامس عشر
الجلسة العامة تجتمع في يوم الأحد السابق لآخر أحد في شهر ديسمبر من كل سنة، فتنظر في تصرفات المجلس المنحل، وتصادق عليها، وتضبط ميزانية العام المقبل مع تعيين أبوابها، كما تنظر في الاستئنافات التي يقوم بها الأعضاء الذين وقع توقيفهم أو طرحهم من الجمعية، ولها أيضا النظر في جميع ما يعرضه عليها أي عضو عامل بشرط أن تكون المسائل المعروضة داخلة في نطاق أعمال الجمعية، وأن يكون عرضها كتابة قبل افتتاح المناقشات؛ الإقتراعات تقع بالأغلبية النسبية، وتسجل بتقرير الجلسة الذي توقع عليه لجنة الانتخابات.
الجلسة الغير الاعتيادية
الفصل السادس عشر
لمجلس الإدارة أن يستدعي الجلسة العامة لجلسة غير اعتيادية سواء كان ذلك من تلقاء نفسه أو بطلب من ثلث الأعضاء العاملين على الأقل، ويتحتم على مجلس الإدارة استدعاء الجلسة العامة الغير الاعتيادية في صورة ما إذا لم يبق متركبا إلا من ثمانية أعضاء مباشرين، وذلك لإجراء انتخابات تكميلية في ظرف ثلاثة أسابيع من تاريخ آخر شغور.
واجبات المشتركين
الفصل السابع عشر
على المشتركين دفع معلوم اشتراكهم بانتظام مراعاة ترتيب المكتبة واحترام القانون الأساسي والتراتيب الداخلية، كما يجب عليهم مراعاة معاشرة رفقائهم حسب قواعد الآداب والتعاضد.
تنقيح القانون الأساسي
الفصل الثامن عشر
لا يمكن تنقيح هذا القانون إلا في جلسة عامة وقع استدعاؤها خصوصا لهذا الغرض بمقتضى اقتراح من مجلس الإدارة أو من ثلث الأعضاء العاملين وبشرط أن يحضرها ثلثا الأعضاء العاملين.
انحلال الجمعية
الفصل التاسع عشر
لا تنحل الجمعية إلا بمقتضى قرار تصدره جلسة عامة وقع استدعاؤها لخصوص هذا الشأن بشرط أن يحضرها أكثر من ثلثي الأعضاء العاملين، وأن تبلغ الأغلبية فيها ثلثي الأعضاء العاملين على الأقل، وإذا قرر الانحلال تعين الجلسة العامة نوابا عنها تعهد إليهم بتصفية مكاسب الجمعية ثم تهب ما يصفيه الحساب لفائدة مشروع واحد أو مشاريع متعددة إسلامية من شمال إفريقيا ذات مصلحة عامة.
خاتمة
وأتبعنا هذا القانون الأساسي بقانون داخلي بيّنا فيه نظام أعمال الجمعية، وترتيب أقسامها، وأهمُ هاته الأقسام: “قسم الإعانات، قروض الشرف” الذي استغرق وحده فصولا متعددة من القانون الداخلي، وقد رتبنا للإعانات ميزانية خاصة تمتاز عن ميزانية الجمعية العامة، فموارد الميزانية العامة هي اشتراكات الأعضاء العاملين، وما سوى ذلك من الموارد ينصب في صندوق الإعانات وسلفات الشرف التي تمد بها الجمعية المستحقين من الطلبة، وهناك قسم آخر جدير بالاعتبار هو قسم “الإرشادات” التي تمنحها الجمعية للطلبة الذين لم يبارحوا شمال إفريقيا يقصدون قبل مغادرة بلادهم معرفة برنامج مدرسة يرغبون إتمام دراستهم فيها أو الانتظام في سلك وظيفة من الوظائف يستعينون بمرتبها.
والأقسام الأخرى التي سيقع تنظيمها عن قريب أيضا بالقانون الداخلي هي قسم “محل الجمعية”، وقسم “المكتبة والمجلات والجرائد”، وقسم “مجلة الجمعية”، وفي أمل مؤسسي الجمعية أيضا السعي لدى أرباب الثراء من سكان شمال إفريقيا في تأسيس دار للطلبة تأويهم وتجمعهم تحت سقف واحد.
فمن الواجب على كل فرد من أفراد الأمة إسعاف هته الجمعية ماديا وتشجيعها أدبيا ليمكن لأعضائها القيام بهذا العمل الثقافي الذي نؤمل ألا ينوء تحته كاهلهم لما جبلوا عليه من الشجاعة الأدبية وقوة الإرادة، فعلى الأمة المساعفة والتشجيع وعلى الشبيبة المثابرة في العمل والاتحاد لنحظى بما به ترتفع عن مجتمعنا غياهب الجهل، فتسعد بلادنا وتسعد بسعادتها الإنسانية جمعاء، لأن ما من مجتمع ارتقى وارتفع إلا وارتقت برقيه الإنسانية كلها.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- راجع الرائد الرسمي الإفرنسي الصادر في 1 جانفيي سنة 1928.