عرف أعداء الله أهمية كتاب الله تعالى في نفوس المسلمين، ومدى تعلقهم به، وعلموا أنه هو باعث نهضتهم، ومحيي همتهم، وموحد كلمتهم، وسبب نجاتهم وقوتهم.
يقول الحاخام الأكبر لإسرائيل سابقا “مردخاي الياهو”، مخاطبا مجموعة على وشك الالتحاق بالجيش الصهيوني: “هذا الكتاب الذي يسمونه القرآن هو عدونا الأكبر والأوحد، هذا العدو لا تستطيع وسائلنا العسكرية مواجهته، كيف يمكن تحقيق السلام في وقت يقدس العرب والمسلمون فيه كتابا يتحدث عنا بكل هذه السلبية؟! على حكام العرب أن يختاروا؛ إما القرآن أو السلام معنا”.
وفي بدايات هذا القرن كان الجنود الإيطاليون يتغنون بأنشودتهم:
“أنا ذاهب إلى ليبيا فرحا مسرورا،
لأبذل دمي في سبيل سحق الأمة الملعونة ومحو القرآن،
وإذا مت يا أماه فلا تبكيني،
وإذا سألك أحد عن عدم حدادك فقولي:
لقد مات وهو يحارب الإسلام” (التاريخ الإسلامي والحضارة الإسلامية للدكتور أحمد شلبي).
ويقول وليم جيفورد: “متى توارى القرآن ومدينة مكة عن بلاد العرب، يمكننا حينئذ أن نرى العربي يتدرج في طريق الحضارة الغربية بعيدا عن محمد وكتابه” (قادة الغرب يقولون دمروا الإسلام أبيدوا أهله ).
ويقول اللورد كرومر في مصر: “جئت لأمحو ثلاثا: القرآن والكعبة والأزهر) (الخنجر المسموم الذي طعن به المسلمون ، أنور الجندي).
ويقول جون تاكلي: “يجب أن نستخدم القرآن –وهو أمضى سلاح- ضد الإسلام نفسه، بأن نعلم هؤلاء الناس-يعني المسلمين- أن الصحيح في القرآن ليس جديدا، وأن الجديد ليس صحيحا” (رد افتراءات المبشرين على القرآن الكريم).
ويقول “غلادستون” وزير المستعمرات البريطاني سنة 1895، ثم رئيس الوزراء الأسبق: “لن تحقق بريطانيا شيئا من غاياتها في العرب، إلا إذا سلبتهم سلطان هذا الكتاب، أخرجوا سر هذا الكتاب –القرآن- مما بينهم تتحطم أمامكم جميع السدود).
وقال أيضا: “ما دام هذا القران موجودا في أيدي المسلمين، فلن تستطيع أوروبا السيطرة على الشرق، ولا تكون هي نفسها في أمان”. (منهج المدرسة العقلية الحديثة في التفسير).
إذن هم يعرفون أن القرآن مصدر قوة المسلمين؛ لذلك أعلنوا الحرب على كتاب الله، وهذه الحرب قديمة قدم نزول القرآن، قال تعالى: “وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْءَانِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ” (فصلت)؛ يعني أن الغلبة لهم على المسلمين إنما تكون باللغو والطعن في القرآن.
من أهداف الطعن في كتاب الله
1- حرب المسلمين؛ لأن الأعداء أيقنوا أن أهل الإسلام لا يمكن قهرهم بالسنان والحروب العسكرية؛ لأنهم قوم يحبون الموت كما هم يحبون الحياة، وإنما كان هذا الحب للشهادة في نفوس المسلمين، لما في كتاب الله من الثناء والحث على الشهادة في سبيله، لذلك توجهوا بالحرب إلى القرآن حتى ينتزعوا القدسية عن القرآن، ويثبتوا أنه ليس من عند الله تعالى، بل من عند محمد، ومن ثَم يتم إبعاد المسلمين عن مصدر توحيدهم وسر قوتهم.
2- فتح باب النـزاع والشقاق بين المسلمين على مصراعيه، قال تعالى: “ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ نَزَّلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتَابِ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ” (البقرة).
3- زرع الفتن بين المسلمين كما قال تعالى: “هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ، فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ” (آل عمران).
4- هدم الإسلام: فقد روي عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ زِيَادِ بْنِ حُدَيْر، قَالَ: قَالَ لِي عُمَرُ: هَلْ تَعْرِفُ مَا يَهْدِمُ الْإِسْلَامَ؟ قَالَ: قُلْتُ لَا، قَالَ: يَهْدِمُهُ زَلَّةُ الْعَالِمِ، وَجِدَالُ الْمُنَافِقِ بِالْكِتَابِ، وَحُكْمُ الْأَئِمَّةِ الْمُضِلِّينَ” أخرجه الدارمي.
وبهذا يتحقق لهم ما يريدون، ويصبح المسلمون صيدا سهلا، بل قد يصبح كثير من المسلمين في صف أعداء الملة والدين وأتباع ملتهم “وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ” (البقرة).