سيناريوهات تطبيع السودان مع الكيان الصهيوني أسامة الأشقر

يمكن حصر سيناريوهات المستوى التطبيعي السوداني في الآتي:

  1. السيناريو الأول: مستوى التطبيع الجزئي:

بحيث تكون القضايا التي تأسس عليها لقاء البرهان – نتنياهو هي مضامين العمل الرئيسية حتى نهاية المرحلة الانتقالية، وبالتالي لن يكون هناك تطبيع سياسي كامل، ولا فتح سفارات، ولا تمثيل ديبلوماسي مباشر، وربما سيكون هناك وجود فني غير مستقر؛ وقد تلجأ إليه الحكومة الانتقالية السودانية بإعلان الموافقة على التطبيع، وتأخير المصادقة عليه حتى تأسيس المنظومة التشريعية.

  1. السيناريو الثاني: مستوى التطبيع الكامل:

وهو ما تلحّ عليه الإدارة الأمريكية وتتطلع إليه حكومة نتنياهو، وتضغط واشنطن بقوة للوصول إلى هذا المستوى، وتستند في ذلك إلى مستوى ابتزاز سياسي يتعلق بتعدد مستويات العقوبات الأمريكية، ولا سيّما تلك المتعلقة بعقوبات الكونجرس؛ بحيث يتم رفع بعض العقوبات وإبقاء بعضها ليتم إلغاؤها تدريجياً بحسب التجاوب السوداني.

  1. السيناريو الثالث: تجميد مشروع التطبيع:

ما تزال قوى أساسية في قوى إعلان الحرية والتغيير وأحزاب رئيسية ترفض التطبيع، وتعدّ ما جرى تجاوزاً غير مقبول من طرف الحكومة والقيادة العسكرية، وأنهم لا يملكون تفويضاً من الشعب ولا من اللجنة المركزية لقوى إعلان الحرية والتغيير؛ كما أن القوى الإسلامية وحلفاءها التي نشطت مؤخراً على خلفية التدهور الاقتصادي، ستعمل على تصعيد خطابها المعارض، وتحشيد الشارع ضدّ هذا التطبيع.

وعند الترجيح بين الاحتمالات فإنه يصعب الحديث عن تطبيع كامل خصوصاً في المرحلة الانتقالية، وعدم اكتمال المؤسسات الدستورية في السودان، ولذلك فغالباً ما يكون التطبيع جزئياً. وهو تطبيعٌ معرضٌ للتجميد سواء بسبب تصاعد المعارضة ضده، أم بسبب ضعف نتائجه الاقتصادية على حياة السودانيين.

تاسعاً: أثر التطبيع على القضية الفلسطينية:

يمكن القول إن السودان في وضعه الانتقالي الراهن قد خرج من دائرة التأثير في القضية الفلسطينية بعد أن كان يلعب دوراً مهماً فيها، إذ كان يرفع من مستوى حضورها السياسي والأمني في المربع الإقليمي. وهذا الخروج استمرار للوضع السابق الذي تراجعت فيه العلاقة مع الجهات الفلسطينية الرسمية والمعارضة إلى مستويات عادية جداً، وربما إلى مستويات ضارة أمنياً لرغبته في توثيق علاقته الأمنية الأمريكية؛ ولكن الأطراف الفلسطينية المختلفة ستنظر إلى هذا التطبيع بمنظار الغضب لأنه جاء في وقت تحلّلت فيه دول عربية مهمة من المبادرة العربية التي ترهن التطبيع بإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس وعودة اللاجئين؛ وهذا يعني أن السلطة الفلسطينية خسرت موقفاً عربياً جديداً دون أن ينعكس ذلك إيجاباً على مطالبها التي صاغتها الدول العربية؛ كما أن المقاومة الفلسطينية خسرت ساحة إسناد مهمة مما سيدفعها إلى السعي لتعويض هذه الخسارة، والبحث عن مداخل جديدة لاحتياجاتها التي لن تمر بالضرورة عبر التنسيقات شبه الرسمية كما كان يحدث سابقاً.

ويبدو أن الجهات الإسرائيلية ستكون حريصة على الاستفادة من الخبرة السودانية في تعاملها مع المقاومة الفلسطينية وشبكة علاقاتها معها، ومن الممكن أن تتحول هذه العلاقة إلى فرصة للسودان ليعيد تشبيك علاقته مع الفلسطينيين بموافقة إسرائيلية أمريكية، بحيث يلعب السودان دوراً تقريبياً أو قناة خلفية مفتوحة، بعيداً عن التدخلات المصرية المتمسّكة بهذا الملف بتحكّم شديد، ويمكن لذلك أن يؤدي لنمو العلاقة بشكل محدود مع بعض أطراف المقاومة الفلسطينية التي تحتاج لأبواب خلفية أخرى للتواصل غير المسيّس مع الأمريكيين والإسرائيليين في بعض الملفات البطيئة أو المتوقفة.

وفي العموم، فإن خروج السودان من مشهد الإسناد والدعم للقضية الفلسطينية سيؤدي إلى ضرر معنوي كبير لهذه القضية، ولكنه لن يكون ذا تأثير كبير عليها، إذ لم تتحول العلاقة مع الفلسطينيين إلى تحالف شامل قوي على الرغم من قوة علاقات الصداقة والتعاون، كما أن مستوى التعاون كان يتوقف على مستوى الضغوط الأمريكية على السودان وتفاعلاتها، وكثيراً ما تعرضت هذه العلاقة بين السودان والمقاومة الفلسطينية للاهتزاز والانقطاع، ولكنها كانت تزدهر عقب أيّ استهداف إسرائيلي للسودان أو حملة إسرائيلية عسكرية قوية على فلسطين، ثمّ ما تلبث أن تعود لمستوياتها العادية.

وليس وارداً أن تتغير العلاقة السياسية مع السلطة الفلسطينية بسبب هذا التطبيع، إذ سيستمر التأكيد السوداني أن هذا التطبيع لن يؤثر على الموقف المبدئي للسودان من حقوق الشعب الفلسطيني والدعوة لتنفيذ قرارات الأمم المتحدة، وهي اللغة التي يشترك فيها جميع من بادر للتطبيع.

المصدر:

المركز الفلسطيني لمقاومة التطبيع

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *