د.يوسف فاوزي*: الانتحار حرام بالاتفاق ويعتبر من أكبر الكبائر بعد الشرك بالله حاوره: محمد زاوي

 

1-حبذا لو تتكلمون لنا عن حكم الانتحار في الفقه الإسلامي.

الحكم الشرعي للانتحار واضح في الفقه الإسلامي،  فلقد تواترت وتوافقت الأدلة الشرعية وأقوال الفقهاء قديما وحديثا على اعتبار قتل النفس كبيرة من كبائر الذنوب، وفعلا محرما، قال سبحانه، (وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا)، فالانتحار تعذيب للنفس قبل ازهاقها وهذا يتنافى مع رحمة الله بعباده، وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (مَن تردى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم يتردى فيه خالداً مخلداً فيها أبداً، ومَن تحسَّى سمّاً فقتل نفسه فسمُّه في يده يتحساه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً، ومَن قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يجأ بها في بطنه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً) رواه البخاري (5442) ومسلم (109).

وعن ثابت بن الضحاك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (مَن قتل نفسه بشيء في الدنيا عذب به يوم القيامة) رواه البخاري (5700) ومسلم (110).

وعلى هذا الإجماع، جاء في (الموسوعة الفقهية): الانتحار حرام بالاتفاق، ويعتبر من أكبر الكبائر بعد الشرك بالله؛ قال الله تعالى: {ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق}، وقال: {ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما}. وقد قرر الفقهاء أن المنتحر أعظم وزرًا من قاتل غيره، وهو فاسق وباغ على نفسه، حتى قال بعضهم: لا يغسل ولا يصلى عليه كالبغاة. وقيل: لا تقبل توبته تغليظًا عليه. كما أن ظاهر بعض الأحاديث يدل على خلوده في النار، منها: قوله صلى الله عليه وسلم: “من تردى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم يتردى فيها خالدًا مخلدًا فيها أبدًا”. اهـ.

2-هل للانتحار أسباب متعلقة بضعف الإيمان وغياب العامل الروحي في حياة الإنسان؟

لا شك، فإن القرآن الكريم قد قرر قاعدة عظيمة في هذا الباب، وهي أن البعد عن ذكر الله سبب في جلب الغم وضنك العيش للنفس، قال سبحانه: (وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَىٰ)، والضنك هو الشقاء الجالب للحزن والاكتئاب، مما يدفع صاحبه إلى البحث عن الخلاص، فإن بحث في غير ذكر الله وما يربطه بالله زاد همه هما، ليرى في الانتحار حلا ومخرجا.

وإفراغ حياة الناس من المسكنات الروحية سبيل زيادة حالات الاكتئاب المؤدية للانتحار.

 3-هل من حلول تقدمها الشريعة الإسلامية للحسم مع الانتحار؟

لقد اهتمت الشريعة الإسلامية الغراء بالصحة النفسية للعباد حماية لهم من الانتحار وضنك العيش، فاقترحت حلولا كثيرة منها:

ذكر الله، قال تعالى: (ألا بذكر الله تطمئن القلوب).

الصلاة، قال عليه الصلاة والسلام: (جعلت قرة عيني في الصلاة).

الإيمان بالله والعمل الصالح، قال تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ).

الأخوة الايمانية، التي تحقق لدى المسلم الشعور بانتمائه للجماعة المدافعة عنه فيندفع عنه الشعور بالوحدة والعزلة.

كل هذه الحلول وغيرها كثير كفيلة بتحصين الناس من أسباب الانتحار وبالله التوفيق.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

* أستاذ بكلية الشريعة، جامعة ابن زهر، أكادير.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *