تداعيات الحرب على غزة والاعتداء على المسجد الأقصى

 

أنهى وقف إطلاق النار، الذي جاء عقب حرب الأحد عشر يوما التي اندلعت بين حركات المقاومة الفلسطينية، وجيش الاحتلال الصهيوني، وبعد هذا التصعيد يُطرح سؤال حول التداعيات التي ستلوا الهدنة المعلنة؟؟

فرغم المدة القصيرة للحرب مقارنة مع سابقاتها، إلا أنها حملت في نتائجها الكثير من التداعيات، التي يمكن أن تغير موازين المعادلة بين الفلسطينيين والاحتلال من جهة، بين الفلسطينيين أنفسهم من جهة أخرى.

لقد عرت حرب الاحتلال الصهيوني أسطورة “الكيان الذي لا يقهر”، هذا الكيان المتمترس وراء تفوقه العسكري والدولة المرعبة المدججة بالسلاح، صاحبة القبة الحديدية.

لكن المقاومة الفلسطينية فرضت سياسة الأمر الواقع على الاحتلال ودفعته عن غير خاطر لإعلان الهدنة من جانب واحد كان بمثابة إعلان الاحتلال عن هزيمته وإظهار لعجزه أمام مجموعات قليلة من المقاومة المسلحة بأسلحة متواضعة.

ثم إن النموذج الذي فرضته المقاومة في مواجهة جيش الاحتلال كان بمثابة ضربة قوية مزقت الصورة الطاغية على المخيال العالمي والتي تعبر عن كون الاحتلال يشكل ذروة التفوق العسكري والتقني الذي لا يقهر.

لكن بالمقابل وخلافا لانتكاسة الاحتلال الصهيوني، كان عراب هذه الحرب نتنياهو، والذي دفع جيش الاحتلال دفعا إلى هذه العملية العسكرية ضد الشعب الفلسطيني تحويلا منه للأنظار بعيداً عن فشله في تشكيل حكومة جديدة، بعد انتخابات رابعة في أقل من عامين والتي لم يشهد الاحتلال مثلها من قبل، بالإضافة إلى أن هذه الحرب أدت إلى تأجيل قضايا الفساد التي تنتظر نتنياهو في محاكم الاحتلال.

هذه الحرب قد تكون سببا في تحريك ضمائر المطبعين، وتغيير موقفها من دولة الاحتلال، التي تقوم فلسفة نشأتها على منطق العدوان والاستيطان والاستيلاء على البيوت وانتهاك حرمة المسجد الأقصى والقدس.

فالتطبيع لن يخلق السلام بقدر ما سيكون حقيقة تجميل لصورة الاحتلال الصهيوني القبيحة ولن يجني منه العرب سوى الوهم، فالمطبعون الذين بشروا الشعوب العربية بطبول السلام والتطبيع هم الخاسر الأكبر، لرهانهم على حصان خاسر اسمه التطبيع.

والأمر المؤكد حسب مجموعة من المحللين أن عباس أبو مازن هو الخاسر الأكبر، وذلك بعد إقدام اللاعبين الدوليين في المنطقة على إجراء مفاوضات مباشرة أو غير مباشرة مع حماس، رغم تصنيفها “منظمة إرهابية” من قبل الحكومة الألمانية والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وبعض البلدان العربية، حتى أن المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل ذكرت عقب التوصل إلى هدنة ليلة الخميس أن من الضروري الحفاظ على تواصل غير مباشر مع حماس.

وفي نفس هذا السياق، أشار عدد من وسائل الإعلام العربية وأيضاً داخل الأراضي المحتلة إلى أن عباس يعد “الخاسر الأكبر”، إذ ذهبوا إلى القول بأن “أبو مازن” فقد حتى اهتمام الفلسطينيين، فيما لم يعد يُنظر إليه من قبل العديد من الأطراف على الساحة الدولية باعتباره “لاعباً ذا تأثير” فيما يتعلق بالصراع الصهيوني-الفلسطيني.

كما كشفت هذه الحرب بشكل لا يقبل التأويل ولا يخفى على كل المتتبعين أن النظام الدولي مبني على الكذب والكيل بمكيالين تجاه ما يجري من صراع في الأراضي الفلسطينية.

فلا يمل المجتمع الدولي من تكرار الأسطوانة المشروخة التي كررها في الحروب السابقة من أن جيش الاحتلال له الحق في الدفاع عن نفسه، وفي نفس الوقت يدين إطلاق صواريخ المقاومة من قطاع غزة، فيا له من منتظم دولي ظهرت سوأته أكثر من ذي قبل.

على الرغم من هذا الدمار الذي لحق غزة بعد هذه الحرب والخسائر فتحت الطريق أمام معادلات جديدة قد تقلب الموازين، سيكون لها الأثر الكبير على القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني، فاللهم احم بيت المقدس من رجس الصهاينة الغاصبين..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *