لا يكف العلمانيون عن خوض معارك دانكوشيطية ضد مقومات الأمة وأصالتها المتجذرة في التاريخ الإسلامي العريق.
ومن هذه المعارك استهدافهم صحيح البخاري وانتقاده في سياق التشكيك وإثارة الشبهات، ما يطرح أكثر من علامة استفهام عن الأسباب الكامنة وراء هذه الحملات التي تتوقف سواء داخل المغرب أو خراجه.
أضف إلى هذا أن من يتصدرون لهذا الهجوم لا علاقة لهم بالعلوم الشرعية، ولا يعرف عنهم التخصص في علوم الحديث الشريف والسنة النبوية، بل نجد بعضهم أمسى ولا يعرف شيئا عن الكتب الصحاح ولا البخاري، وأصبح بعد استيقاظه ولحظة ارتشافه كوب قهوته، أو مشروب مسكر، تخيل نفسه من جهابذة النقد وعلل الحديث، والجرح والتعديل وعلم الرجال، لكن في الواقع هي شهوة الهضم والطعن بخنجر صنع أيام الحروب الصليبية، وظفه المستشرقون، وتأبطه الغزاة المحتلون، فهم يحاولون إكمال مهمة فشل فيها العتاة، فكيف بأصحاب هذيان: عاجل: محاكمة صحيح البخاري في المغرب بين أحمد عصيد ورشيد أيلال”.
لم يأت العلمانيون المغاربة ولا العرب بجديد، فأقوالهم، وكتاباتهم لا تعدوا أن تكون هوامش الهوامش أو دون ذلك، على المتن الاستشراقي الامبريالي الغربي، فهوامشهم شرح ودعاية، مؤيدة بهوامش أخرى على التأليف الإسلامي تشويها وتبخيسا، ونقدا، معتمدين على مؤلفات التطرف العلماني الفرنكفوني.
فالإمام البخاري يقض مضجع العلمانيين مع تباعد الزمان، فهم متفرغون للطعن في البخاري ليس لشخص البخاري ولكن طعنا في صحيحه، الذي ستحقق لهم الإطاحة به النيل من الإسلام.
هذه الحملات التترى الشعواء تدخل ضمن جهود العلمانية الدولية التي تروم خلق دين مسخ، يطلقون عليه اسم “التدين معتدل”، وبما أن صحيح البخاري هو حجر الزاوية في بناء الأحاديث والسنة النبوية، فإذا تم إسقاطه فإن جزء كبيرا من المصادر التشريعية ستتهاوى خلفه، وبالتالي زعزعة ارتباط الأمة بثوابتها.
فهم يركزون على صحيح البخاري، وليس هو النهاية، بل هو بداية لإسقاط باقي كتب السنة، كرد فعل على ما هو متفق عليه بين علماء الشريعة، بل بين المسلمين جميعا، أن القرآن الكريم جاء مجملا وعاما في الكثير من الأحكام، والقضايا، فكانت سنة النبي صلى الله عليه وسلم هي التفصيل والتبيين، وهي الممارسة القولية، والعملية، والتقريرية، فالسنة تعتبر تفصيلا لما جاء في القرآن الكريم، فبضرب السنة والكتب الحديثية، سيفصلون القرآن عن التوضيحات النبوية من جهة، ومن جهة أخرى لا توجد الكثير من الأحكام الشرعية في العديد من المجالات سواء كانت معاملات أو عبادات أو عقائد، فيسهل عليهم دس قوانين وضعية مخالفة لما علم في الدين بالضرورة، وحجتهم في ذلك عدم وجود دليل قرآني.
فاستهداف البخاري يقصد به استهداف السنّة، ثم استهداف القرآن فالإسلام كله، وبذلك تضرب ثوابت الأمة وهويتها، والأواصر التي تجمعها، في مقتل.