ملـف “دانييل”

قرار العفو عن المجرم الإسباني “دانييل كالفان” الذي اغتصب 11 طفلا مغربيا كان قرارا صادما للعديد من مكونات المجتمع المغربي بشتى أطيافه، ما خلف موجة عارمة من الاحتجاجات العفوية اندلعت في عدد من مدن المملكة.
وهي احتجاجات قوبلت -كما كان متوقعا- بالاستخدام المفرط للقوة من طرف أجهزة الأمن، ولم يكن الأمر يتطلب كل هذا القمع الذي زاد من حدة المواجهة؛ حيث خرج المحتجون للتنديد بقرار العفو الذي لم يستسغه المجتمع؛ على اعتبار أن المجرم الإسباني الذي شمله العفو الملكي مدان بتهمة الاعتداء الجنسي وهتك عرض 11 طفلا قاصرا (إناثا وذكورا) تتراوح أعمارهم ما بين 2 و15 سنة وتصويرهم في وضعيات شاذة؛ والجريمة لا تحتاج إلى كثير تعليق، فخرج الناس تحت هول الصدمة إلى الشارع -دون تأطير حزبي أو جمعوي أو دعوي- للتنديد بقرار عفو مسَّ أحكام القضاء؛ وجرحَ كبرياء المغاربة والأسر التي طال فلذات أكبادها اغتصاب وحش وجاسوس إسباني يدعى “دانييل”.
ومع تصاعد موجات الاحتجاج واستمرارها خرج القصر الملكي -في سابقة لم يُشهد لها مثيلٌ في المغرب- ببلاغين لم تفصل بينهما سوى 24 ساعة، الأول يوضح أن الملك محمد السادس لم يتم إخباره بالجرائم التي ارتكبها الإسباني “دانييل” وأمرِه بفتح تحقيق لتحديد الخلل والمسؤولين عن “إطلاق السراح المؤسف هذا”، والثاني يُلغي العفو تماما عن المجرم.
وبعد يوم واحد فقط تم إعفاء حفيظ بنهاشم من مهامه في المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، لتحمله المسؤولية المباشرة في هذا الملف.
وفـُتح نقاش واسع عقب ذلك حول مسطرة العفو؛ ومن يحق له الاستفادة منه ومن لا يحق له ذلك؛ على اعتبار أن جريمة اغتصاب الأطفال؛ وإن كانت تثير الاشمئزاز؛ فهي لا تقل خطورة عن جرائم أخرى يشملها قرار العفو، كالسطو؛ والاتجار في المخدرات وتهريبها..
فقد ينفق الآباء سني عمرهم في تربية أبنائهم وإحاطتهم بالرعاية والاهتمام، وفي لحظة ما؛ ومكان ما؛ من الممكن أن يسقط أحد هؤلاء الأبناء ضحية إدمان مخدرات تقدَّم لهم على باب المؤسسة التعليمة أو غيرها؛ فتتغير حياتهم رأسا على عقب؛ وتتحول حياة ومسار الأسرة بأكملها إلى جحيم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *