ثقافيات

جديد الكتب

بلغنا، في جريدة السبيل، أن مجلة الملتقى بصدد طبع وإعادة نشر كتاب “ابن تيمية: الفقيه المعذَّب”، لكاتبه الأديب والمفكر المصري عبد الرحمان الشرقاوي. والكتاب فريد في بابه، لعدة اعتبارات:

– الهجمات التي ما زال يتلقاها فكر شيخ الإسلام بن تيمية، من غير إنصاف للرجل ومجهوداته العلمية والفكرية وتضحياته السياسية، زمن التهديدات المغولية والصليبية والباطنية… الخ.

– أسلوب الكتاب روائي، سلس في قراءته. يحكي فيه الكاتب عن ابن تيمية وكأنه يرى حياته رأي العين؛ مع أمه، بين أشياخه وتلامذته، مواجها خصومه؛ في بلاطات الأمراء، وبين عامة الناس والعالمين؛ في مدارس دمشق وساحاتها، وبين أهل القاهرة ورجالاتها.

يكشف الراوي سعة اطلاعه على “المتن التيمي”، فيورد مقتطفات من كتب ابن تيمية على لسانه؛ فترى تلك الكتب واقعا حيا، يعيشه بن تيمية قبل أن يدونه.

 

 

 

مكتبتك في تاريخ المغرب

كتاب “الاستعمار الاسباني في المغرب: 1860-1956″، للكاتب الإسباني ميكل مرتين (اسم مستعار، واسمه الحقيقي هو لوبيس أكودين)، كتاب على النقيض من الأطروحة الاستعمارية الإسبانية.

ترجمه المناضل عبد العزيز الوديي، ونشرته “منشورات التل”. يقول الوديي في التعريف بمترجَمه: “والكتاب (…) يعتبر أحد أهم المصادر التاريخية التي حلّلت آليات أشكال السيطرة الإسبانية على منطقة شمال المغرب، ورسمت بدقة ونزاهة مختلف مظاهر المقاومة الشعبية المغربية التي تصدّت للتدخل الاستعماري الإسباني”.

يقع الكتاب في، مقدمة وخمسة فصول:

– الفصل الأول: التقسيم.

– الفصل الثاني: الاحتلال.

– الفصل الثالث: التهدئة (1).

– الفصل الرابع: التهدئة (2).

– الفصل الخامس: الجلاء.

الكتاب مهم ومتميز، بل من أهم الكتب التي تعتبر فرض عين على كل باحث في الاستعمار الإسباني للمغرب. وذلك لأنه غزير بمعطياته، لا يخلو من تحليل هنا وهناك.

 

فنون: النقد الإيديولوجي السينمائي

أفلام هشام العسري: اللامعنى في قالب سينمائي (7)

في نفس المكان: مرحاض، يظهر المشخص بنفس الهيئة: شعر أجعد طويل وقميص المنتخب الوطني المغربي. يستعرض ما يضره: رغبته وضميره وبطنه. بقي مترددا بين حالين تجاه الجمهور: الحديث قبل المرحاض، أو المرحاض قبل الحديث؛ بقي كذلك، إلى أن وجد الحل: “مزاوجة الراحات/ راحة الحديث وراحة المرحاض”.

يخاطب الجمهور، يشتكي بعذابه. لا ينام ليلا، لأن ضميره يعذبه. معذّب لأنه لم يصوت، بسبب نومٍ حال بينه وبين ذلك. ورغم مشاكله التي حرمته التصويت، مشاكل مادية/ عائلية/ عاطفية، إلا أنه نادم على عدم تصويت استعد له طيلة أربع سنوات.

يوحي أنه يحاول الحديث بأسلوب عربي معروف (الأخذ بزمام الأمور)، فتتبعثر الكلمات في فمه.

(…)

يعود فيتحدث عن المكان الذي يتواجد فيه، ثم يعتذر عنه، ليقول من جديد: “هذا هو المكان الوحيد الذي قبلني”. يشتكي غضبه وقلقه مرة أخرى، والسبب، هذه المرة، اسمه: “سمير بوعرفة”. إنه يريد رفع دعوى قضائية لتغيير اسمه إلى “سمير خيخي”، إذ لا تحيط به إلى القذارات والخباثات (“خيخي”).

يبدي غضبه، فيظهر على لسانه كلاما ترفضه الفطر السليمة. يغضب من جديد، مدعيا توجيه كلامه للمتصالحين مع ذواتهم، الراغبين في التغيير، المستعدين لمشاهدته على هواتفهم الذكية وهم يقضون حاجتهم البيولوجية.

(…)

وكعادته ينهي كلامه بصرف مياه المرحاض.

بهذا المشهد، يلقي هشام العسري بالمشاهد في فوضى: المكان، الغاية، النفس، الهوية، الكلام، التعبير، المخاطَب… الخ. إنها فوضى استحالت فنا، والخاسر الأكبر هو المتلقي.

 

 

نافذة على مشروع فكري.. عبد الوهاب المسيري (8)

يُعتبر الدكتور عبد الوهاب المسيري أحد الأوائل الذين ميزوا بين “اليهودية” و”الصهيونية”، إن لم يكن أولَهم. وبالرغم مما يمكن أن يوجَّه إليه من انتقادات متعلقة بإغفاله بعض التحريفات التي لحقت اليهودية، والتي تبرر وتسوغ جرائم الصهيونية واعتداءاتها؛ بالرغم من ذلك، فإن تمييزه بين “اليهودية” و”الصهيونية” مطلوب بداية، تنبيها على حاجة اليهود إلى تحرير من “الصهيونية”، وبالتالي من “اليهودية المحرفة”.

في كتابه “من هو اليهودي”، ينبه عبد الوهاب المسيري إلى:

أولا؛ أن اليهود هويات متعددة. فهم في الأصل شتات، انتشروا في الأرض وتوزعوا على الشعوب، وليس بينهم تجانس البتة.

ثانيا؛ أن محاولات حاخامات اليهود تعريف “من هو اليهودي؟”، لم تحل تلك الإشكالية. فتعريفهم “اليهودي” بمن وُلد لأم يهودية يلغي الشرط الديني (قد يغير دينه من ولد لأم يهودية)، وتعريفهم له بمن اعتنق اليهودية (تهوّد) يلغي شرط العرق (إذ قد تعتنق اليهودية أعراق غير العرق الأصلي لليهود).

ثالثا؛ أن اليهود في الدول الغربية (أوروبا وأمريكا) تعرضوا لعملية علمنة جعلتهم يتخلون عن الاعتبار الديني إلا على سبيل المظاهر والطقوس، كما جعلتهم حبيسي نمط العيش والسلوك الغربي الرأسمالي. وهذا ما تأثر به الكيان الصهيوني أيضا، حيث أصبحت الهوية اليهودية تكتسَب على أساس الانتماء إلى هذا الكيان، لا إلى اليهودية كديانة وعرق.

رابعا؛ أن يهود العالم ليسوا جميعا مقتنعين بالمشروع الصهيوني، فهناك يهود يرفضون هذا المشروع بل ويواجهونه، بل في الكيان من لم يعد مقتنعا به.

… إلى غير ذلك من المباحث التي ناقشها المسيري في كتابه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *