لا شيء يعدل الصدق في حياة المسلم، سواء كان الصدق في الاعتقاد، أو في الأقوال والأفعال، ومن الخصال الحميدة أن يكون للإنسان موقف محدد تجاه الأشخاص والأحداث، ويكون ذا مبدأ واضح وهوية محددة ملامحها، ومن شر الخصال أن يكون الإنسان مخادعا عند افتراق الناس، يظهر لكل فريق أنه معهم، وهذا النوع من الناس أشبه بالمنافق وقد ورد فيه حديث أبي هريرة رضي الله عنه: عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (تجدون الناس معادن خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا وتجدون خير الناس في هذا الشأن أشد له كراهية وتجدون شر الناس ذا الوجهين الذي يأتي هؤلاء بوجه ويأتي هؤلاء بوجه) رواه البخاري ومسلم.
وفي لفظ: (تجد من شرار الناس يوم القيامة عند الله ذا الوجهين الذي يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه) البخاري.
وأصح ما قيل في تفسير ذي الوجهين هو المنافق كما قال النووي رحمه الله: (ذا الوجهين) هو المنافق الذي يسعى بين الطائفتين من المسلمين فيأتي كلا بوجه يختلف عما يأتي به الآخر.
وفعله هذا جعله من شر الخليقة، لأنه متملق بالباطل وبالكذب، مدخل للفساد بين الناس، لأنه يأتي كل طائفة بما يرضيها فيظهر لها أنه منها ومخالف لضدها وصنيعه نفاق ومحض كذب وخداع وتحيل على الاطلاع على أسرار الطائفتين وهي مداهنة محرمة.
ولذي الوجهين يوم القيامة عقوبة شديدة، جاء بيانها في حديث عمار بن ياسر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من كان له وجهان في الدنيا كان له يوم القيامة لسانان من نار) رواه أبو داود.
فقوله: (كان له يوم القيامة لسانان من نار) لأن الجزاء من جنس العمل، فكما كان له في الدنيا لسان مع كل طائفة على وجه الإفساد، استحق هذا النوع من العقوبة.
ولا يمكن لذي الوجهين أن يكون أمينا عند الناس، لأن رجلا يسعى بالفساد بين الخلق، فينفث سموم شره وحسد قلبه بينهم، لا يرضيه وئام الناس واجتماعهم، رجل منافق ولئيم.
وهذا ما قرره النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: إن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: (لا ينبغي لذي الوجهين أن يكون أمينا) رواه البخاري ومسلم.