للمدارس حرمات يجب أن تحفظ، وبقدر ما تمنَح المدارس الخاصة حيزا من حرية التصرف في أنشطتها وبرامجها، فإنه من غير المسموح لها تجاوز الحدود في هذا الحيز.
التربية أمانة، وهي مسؤولية دولة، لتحصين مجتمع. واجب المدراء التربويين استحضار هذه الأبعاد في ممارستهم لمهامهم، مهما كانت الأهداف الربحية لأصحاب المؤسسات الخاصة، أو ميولاتهم وميولات غيرهم الثقافية.
التربية عملية إيديولوجية خاضعة لخصوصية ثقافية، لا لأهداف ربحية أو ميولات خاصة هنا وهناك.
يأتي هذا الكلام تفاعلا مع “صور تداولتها عدد من الصفحات والمجموعات التربوية على “فيسبوك”، قيل إنها لممثل عالمي أثناء زيارته لثانوية الأمير مولاي رشيد بشفشاون”، بهدف “تحسيس التلاميذ بأهمية الفن والسينما الهادفة في حياة التلميذ”.
لم تكن هذه الصور لتمر مرور الكرام في مجتمع لم يفقد خصوصيته بعد، ولم تنهدم قلاعه وحصونه جميعها؛ بل صرخت التعاليق غاضبة معبرة: “وَشْمٌ وحِلاقةٌ وقُرْط .. أَنْعِمْ بها قدوةً وأثرا”.
وقال معلق ثانٍ: “حضور مثل هذه النماذج للمؤسسات التربوية التعليمية تشويه للقيم والهوية والثقافة”. وتفاعل آخر: “أولا لا يحق لهذا النكرة أن يلج المؤسسة التربوية بدون ترخيص من المديرية الإقليمية، ولا يحق تصوير المتعلمين بدون موافقتهم، وخاصة أنهم قاصرون! ثم ماهي الإضافة التي يمكن أن يقدمها من لم يحترم القيم التربوية الموكول للمؤسسة السهر عليها؟”.
وهناك من “طالب بمساءلة “الإدارة عن هذا العبث التربوي الكبير”، متسائلا: “هل مثل هذا يعتبر قدوة لإحضاره للنشء؟ وهل هذا هو النموذج الذي يقدم لهم بحلقات الأذن والوشوم على ذراعه ولباس “الشورط” في القسم؟ ألم يعرف هذا المخلوق أن للفصل الدراسي حرمة وتقاليد وانضباطا؟ أين كانت الإدارة؟ وهل انعدم العلماء والأدباء والأطباء والقدوات الحقيقية لتقديمها للتلاميذ؟”.
ليست الهوية الوطنية هبة بلا سبب، وإنما هي تربية وتنشئة تبدأ من الأسرة، ثم تعمل المدرسة -منذ التعليم الأولي- على دعمها وتصحيح المعتل منها كي يوافق المصلحة العامة. فماذا نحن فاعلون إذا ضيعنا المدارس؟ بل ماذا نحن فاعلون إذا ضيعنا الأسر قبل المدارس؟